للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السباع ونحن أحوج إليها من السباع، فجاءنا الغيث من ساعتنا، ولقد رأينا العُشب يواري الرجال، ويقول قائلنا: أنعم علينا عم أنس.

وذكروا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كانوا يقسمون لصنمهم هذا من أنعامهم وحروثهم، وأنهم كانوا يجعلون من ذلك جزءًا له وجزءًا لله بزعمهم قالوا: كنا نزرع الزرع فنجعل له وسطَه فنسمِّيه له ونسمِّي زرعًا آخر حَجْرةً (١) لله، فإذا مالت الريح فالذي سمينا لله جعلناه لعم أنس، وإذا مالت الريح فالذي جعلناه لعم أنس لم نجعله لله، فذكر لهم (٢) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله أنزل عليه في ذلك {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا ... } الآية [الأنعام: ١٣٦]. قالوا: وكنا نتحاكم إليه فنُكَلَّم (٣)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تلك الشياطين تكلمكم».

وسألوه عن فرائض الدين فأخبرهم، وأمرهم بالوفاء بالعهد وأداء الأمانة وحُسنِ الجوار لمن جاوروا، وأن لا يظلموا أحدًا، قال: «فإن الظلم ظلمات يوم القيامة». ثم ودَّعوه بعد أيام وأجازهم فرجعوا إلى قومهم، فلم يحلُّوا عقدةً حتى هدموا عم أنس (٤).


(١) أي: ناحيةً.
(٢) في جميع الأصول عدا ف: «له»، وكذا كتب في أولًا ثم أُصلح إلى المثبت الموافق لمصدر النقل.
(٣) ز، س، والنسخ المطبوعة: «فيتكلَّم». والمثبت من سائر الأصول موافق لمصدر المؤلف.
(٤) «الاكتفاء» (١: ٢/ ٣٤٩) و «عيون الأثر» (٢/ ٢٥٣). وهو عند ابن سعد (١/ ٢٨٠) عن الواقدي عمّن حدثه مِن أهل العلم، مختصرًا.