للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و «الجسر»: الصراط.

وقوله: «فيقول ربك: مهيم؟» أي: ما شأنك وما أمرك وفيمَ كنت؟

وقوله: «يشرف عليكم أزلين»، الأَزْل بسكون الزاي: الشدة، والأَزِل على وزن كتف: هو الذي قد أصابه الأَزْل واشتدَّ به حتى كاد يَقنَط.

وقوله: «فيظل يضحك» هو من صفات أفعاله سبحانه التي لا يشبهه فيها شيءٌ من مخلوقاته كصفات ذاته. وقد وردت هذه الصفة في أحاديثَ كثيرةٍ (١) لا سبيل إلى ردِّها، كما لا سبيل إلى تشبيهها وتحريفها.

وكذلك: «فأصبح ربك يطوف في الأرض» هو من صفات فعله كقوله {رَبُّكَ وَالْمَلَكُ} [الفجر: ٢٢]، {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} [الأنعام: ١٥٨]، و «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا» (٢) و «يدنو عشية عرفة فيباهي بأهل الموقف الملائكةَ» (٣)؛ والكلام في الجميع صراط واحد مستقيم: إثباتٌ بلا تمثيل، وتنزيهٌ بلا تحريف ولا تعطيل.

وقوله: «والملائكة الذين عند ربك»، لا أعلم موت الملائكة جاء في حديثٍ صريح إلا هذا، وحديثَ إسماعيلَ بنِ رافعٍ الطويل وهو حديث الصُّور (٤). وقد يستدل عليه بقوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي


(١) منها حديث أبي هريرة الطويل في آخر أهل الجنة دخولًا الجنة، وفيه: «فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه». أخرجه البخاري (٧٤٣٧) ومسلم (١٨٢).
(٢) أخرجه البخاري (١١٤٥) ومسلم (٧٥٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه مسلم (١٣٤٨) من حديث عائشة - رضي الله عنها - بنحوه.
(٤) أخرجه إسحاق ابن راهويه في «مسنده» (١٠) وابن أبي الدنيا في كتاب «الأهوال» (٥٥) والطبري في «تفسيره» (٢٠/ ١٥٦) والطبراني في «الأحاديث الطوال» (٣٦) والبيهقي في «شعب الإيمان» (٣٤٧) وغيرهم، من طرق عن إسماعيل بن رافع بإسناده إلى أبي هريرة. وإسماعيل بن رافع ضعيف منكر الحديث، وقد اضطرب في إسناده. وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (١/ ٢٦٠) و «الأوسط» (٣/ ٤٢٦): «حديث الصور مرسل، لا يصحّ». وقال ابن كثير في «تفسيره» (الأنعام: ٧٣): «غريب جدًّا، ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة، وفي بعض ألفاظه نكارة». وانظر: «البداية والنهاية» (١٩/ ٣٢٢) و «فتح الباري» (١١/ ٣٦٨) و «أنيس الساري» (٢/ ١٥٩٥).