للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموقف (١) قبل الصراط، لأن الصراط إنما هو جسر ممدود على جهنم، فمن جازه سلم من النار.

قلت: وليس بين أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعارض ولا تناقض ولا اختلاف، وحديثُه كلُّه يصدِّق بعضه بعضًا. وأصحاب هذا القول إن أرادوا أن الحوض لا يُرى ولا يوصل إليه إلا بعد قطع الصراط فحديث أبي هريرة هذا وغيره يردُّ قولَهم، وإن أرادوا أن المؤمنين إذا جازوا الصراط وقطعوه بدا لهم الحوض فشربوا منه فهذا يدل عليه حديث لقيط هذا، وهو لا يناقض كونه قبل الصراط فإن طوله شهر وعرضه شهر، وإذا كان بهذا الطول والسعة فما الذي يُحيل امتدادَه إلى وراء الجسر، فيَرِده المؤمنون قبل الصراط وبعده؟! فهذا في حيِّز الإمكان، ووقوعُه موقوف على خبر الصادق. والله أعلم.

وقوله: «على أظمأِ ــ والله ــ ناهلةٍ قط»، الناهلة: العِطاش الواردون للماء، أي: يردونه أظمأ ما هم إليه. وهذا يناسب أن يكون بعد الصراط، فإنه جسر النار وقد وردوها كلُّهم، فلما قطعوه اشتد ظمؤهم إلى الماء، فوردوا حوضه - صلى الله عليه وسلم - كما وردوه في موقف القيامة.

وقوله: «وتخنس الشمس والقمر» أي: يختفيان ويُحبَسان ولا يُرَيان. والانخناس: التواري والاختفاء، ومنه قول أبي هريرة: «فانخنستُ منه» (٢).

وقوله: «ما بين البابين مسيرة سبعين عامًا» يحتمل أن يريد به أن بُعد ما


(١) من هنا سقط لوح (١٣٦ ب- ١٣٧ أ) من مصوّرة نسخة الظاهرية (د)، وذلك إلى ما قبل قوله: «مقرين بالإسلام ... » الآتي في فصل قدوم وفد النخع.
(٢) وذلك لمَّا كان جنبًا فلقيه النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض طرق المدينة. أخرجه البخاري (٢٨٣).