للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علينا منَّا (١)، وكأنا في الثقة بك منك، لأنا لم نظن بك خيرًا قط إلا نِلناه، ولم نَخَفْك على شيء قطُّ إلا أمِنَّاه، وقد أخذنا الحجة عليك من فيك، الإنجيل بيننا وبينك شاهِدٌ لا يُرَدُّ وقاضٍ لا يجور، وفي ذلك الموقعِ الحزُّ وإصابةُ المفصل، وإلا فأنت في هذا النبي الأمي كاليهود في عيسى ابن مريم، وقد فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - رُسُلَه إلى الناس، فرجاك لِما لم يرجُهم له، وأمنك على ما خافهم عليه لخيرٍ سالفٍ وأجرٍ يُنتظَر. فقال النجاشي: أشهد بالله أنه لَلنبيُّ الأمي الذي ينتظره أهل الكتاب، وأن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل (٢)، وأن العيان ليس بأشفى من الخبر.

ثم كتب النجاشيُّ جوابَ كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بسم الله الرحمن الرحيم. إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة. سلامٌ عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فوربِّ السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت تُفروقًا (٣)؛ إنه كما ذكرتَ. وقد عرفنا ما بعثتَ به إلينا، وقد قرَّبنا ابنَ عمِّك وأصحابِه، فأشهد أنك رسول الله صادقًا مصدقًا، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك، وأسلمتُ على يديه لله رب العالمين». والتُّفروق: عِلاقة ما بين النواة والقِشر (٤).


(١) «منا» سقطت من ث، والنسخ المطبوعة.
(٢) انظر: «العهد القديم» (إشعياء: ٢١)، ففيه تنبؤ يشبه ما ذكره النجاشي.
(٣) كذا في الأصول بالتاء المثناة هنا وفي الموضع الآتي. وفي «عيون الأثر» بالثاء المثلثة في الموضعين، وهما لغتان، والثاء أشهر. وسيأتي معناه.
(٤) و «القشر» كذا في الأصول والنسخ المطبوعة. والذي في «عيون الأثر»: «والقمع»، وكذا في «تاج العروس» (٢٥/ ١٢٥). والقَمْع (بالفتح والكسر وكعِنَب): ما يكون على طرف التمرة الذي به تتعلَّق بالعنقود. وقد قيل في التُّفروق: إنه قمع التمرة نفسه.