للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوكما بدعاية الإسلام، أسلما تسلما، فإني رسول الله إلى الناس كافَّةً لأُنذر من كان حيًّا ويحقَّ القول على الكافرين، وإنَّكما إن أقررتُما بالإسلام ولَّيتكما، وإن أبيتُما أن تُقرَّا بالإسلام فإن مُلككما زائل عنكما وخيلي تحلُّ بساحتكما وتظهر نبوَّتي على ملككما. وكتب أبيُّ بن كعب، وختم الكتاب».

قال عمرو: فخرجت حتى انتهيت إلى عُمان، فلما قدمتها عمدت إلى عبدٍ وكان أحلمَ الرجلين وأسهلهما خلقًا فقلت: إني رسولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إليك وإلى أخيك، فقال: أخي المُقدَّمُ عليَّ بالسن والملك، وأنا أوصلك إليه حتى يقرأ كتابك، ثم قال: وما تدعو إليه؟ قلت: أدعوك إلى الله وحده لا شريك له وتخلع ما عُبد من دونه، وتشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

قال: يا عمرو، إنك ابنُ سيِّدِ قومك، فكيف صنع أبوك فإنَّ لنا فيه قدوةً؟ قلت: مات ولم يؤمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، ووددت أنه كان أسلم وصدَّق به، وقد كنت أنا على مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام. قال: فمتى تبعته؟ قلت (١): قريبًا، فسألني أين كان إسلامك؟ فقلتُ: عند النجاشي، وأخبرته أن النجاشي قد أسلم، قال: فكيف صنع قومه بملكه؟ فقلت: أقرُّوه واتَّبعوه، قال: والأساقفة والرُّهبان تبعوه؟ قلت: نعم، قال: انظر يا عمرو ما تقول! إنه ليس من خصلة في رجل أفضحَ له من كذب، قلتُ: ما كذبتُ وما نستحلُّه في ديننا.

ثم قال: ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي، قلت: بلى، قال: بأي شيء علمت ذلك؟


(١) في الأصول عدا ن: «قال»، ولعله سبق قلم من المؤلف.