للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه هذا العلاج. فالحمَّى تنفع البدن والقلب، وما كان بهذه المثابة فسبُّه ظلمٌ وعدوانٌ.

وذكرتُ مرَّةً وأنا محمومٌ قولَ بعض الشُّعراء (١) يسُبُّها:

زارت مكفِّرةُ الذُّنوب وودَّعَتْ ... تبًّا لها من زائرٍ ومودِّعِ

قالت وقد عزمَت على تَرحالها ... ماذا تريد؟ فقلت: أن لا ترجعي

فقلت: تبًّا له إذ سبَّ ما نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن سبِّه! ولو قال:

زارت مكفِّرةُ الذُّنوب لصبِّها ... أهلًا بها من زائرٍ ومودِّع

قالت وقد عزمَتْ على ترحالها ... ماذا تريد؟ فقلت: أن لا تُقلعي

لكان أولى به، ولأقلعَتْ عنه. فأقلعت عنِّي سريعًا (٢).

وقد روي في أثرٍ لا أعرف حاله: «حمَّى يومٍ كفَّارةُ سنةٍ» (٣). وفيه قولان (٤)، أحدهما: أنَّ الحمَّى تدخل في كلِّ الأعضاء والمفاصل، وعدَّتُها


(١) نسب البيتان مع ثالث في «شذرات الذهب» (٧/ ٢٠٢) إلى الملك المعظم شرف الدين الأيوبي (٥٧٦ - ٦٢٤).
(٢) أنشد شمس الدين ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (٣/ ٢٤١) بيتي الملك المعظم ثم بيتي المؤلف دون تسميته وقال: «لم يُصِب من قال: ... ولا من قال: ... لأن الأول ارتكب النهي عن سبِّها، والثاني ترك الأمرَ بسؤال العفو والعافية وأراد بقاء المرض».
(٣) لعلَّه يقصِد بالأثر ما أخرجه ابن أبي الدُّنيا في «المرض والكفَّارات» (٤٩)، ومن طريقه البيهقي في «الشُّعب» (٩٤٠٣)، عن أبي الدَّرداء - رضي الله عنه - قال: «حمَّى ليلةٍ كفَّارةُ سنَةٍ»، وإسناده ضعيف. ورُوي مرفوعًا من حديث ابن مسعود وأبي هريرة - رضي الله عنهما -، وهما حديثان واهيان، ينظر: «السلسلة الضعيفة» (٣٥٣٢، ٦١٤٣).
(٤) انظر القولين في «قوت القلوب» (٢/ ٣٩).