للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«إذا أصابت أحدَكم الحمَّى، فإنَّما الحمَّى قطعةٌ من النَّار، فليطفئها بالماء البارد، ويستقبِلْ نهرًا جاريًا، فليستقبل جَرْيَة الماء بعد الفجر وقبل طلوع الشَّمس وليقل: بسم الله، اللَّهمَّ اشفِ عبدَك، وصدِّق رسولَك. وينغمس فيه ثلاث غمساتٍ ثلاثة أيَّامٍ. فإن برئ وإلَّا خمسًا، فإن لم يبرأ في خمسٍ فسبعٌ، فإن لم يبرأ في سبعٍ فإنَّها لا تكاد تجاوز التسعَ بإذن اللَّه».

قلت (١): وهو ينفع فعله في فصل الصَّيف في البلاد الحارَّة على الشَّرائط الَّتي تقدَّمت، فإنَّ الماء في ذلك الوقت أبرد ما يكون لبعده عن ملاقاة الشَّمس ووفور القوى في ذلك الوقت لما أفادها النَّوم والسُّكون وبرد الهواء، فتجتمع (٢) قوَّة القوى وقوَّة الدَّواء ــ وهو الماء البارد ــ على حرارة الحمَّى العرَضيَّة أو الغبِّ الخالصة ــ أعني الَّتي لا ورم معها ولا شيء من الأعراض الرَّديَّة والموادِّ الفاسدة ــ فيطفئها بإذن اللَّه، لا سيِّما في أحد الأيَّام المذكورة في الحديث، وهي الأيَّام الَّتي يقع فيها بُحْرانُ (٣) الأمراض الحادَّة كثيرًا، سيَّما


(١) القائل ابن القيم، والمقول للحموي في كتابه المذكور (ص ٣٠١ - ٣٠٢)!
(٢) بعده في طبعة الرسالة: «فيه»، والزيادة من الفقي.
(٣) البحران عند الأطباء: تغير عظيم يحدث في المرض دفعةً إلى الصحة أو إلى العطَب، ويكون على ثمانية أصناف. انظر: «بحر الجواهر» للهروي (ص ٤٦). والكلمة سريانية، وأصل معناها الاختبار. انظر: «القول الأصيل» للدكتور ف. عبد الرحيم (ص ٤٦).