للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو مع هذا كلِّه مأمون الغائلة، قليل المضارِّ، مضرٌّ بالعرَض للصَّفراويِّين ودفعُها بالخلِّ ونحوه، فيعود حينئذٍ نافعًا لهم جدًّا.

وهو غذاءٌ مع الأغذية، ودواءٌ مع الأدوية، وشرابٌ مع الأشربة، وحلوى مع الحلوى (١)، وطِلاءٌ مع الأطلية، ومفرِّحٌ مع المفرِّحات. فما خُلِق لنا شيءٌ في معناه أفضلَ منه، ولا مثلَه، ولا قريبًا (٢). ولم يكن معوَّل القدماء إلا عليه. وأكثر كتب القدماء لا ذكر فيها للسُّكَّر البتَّة، ولا يعرفونه فإنَّه حديث العهد حدَث قريبًا.

وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يشربه بالماء على الرِّيق (٣). وفي ذلك سرٌّ بديعٌ في حفظ الصِّحَّة لا يدركه إلا الفطن الفاضل، وسنذكر ذلك إن شاء الله عند ذكر هديه في حفظ الصِّحَّة.

وفي «سنن ابن ماجه» (٤) مرفوعًا من حديث أبي هريرة: «من لعِق


(١) يحتمل قراءة: «حلواء مع الحلواء». وفي ل: «حلو مع الحلوى». وفي س: «حلو مع الحلواء». وفي ن: «حلو مع الحلو».
(٢) بعده في النسخ المطبوعة زيادة: «منه».
(٣) كذا ذكر الحموي في كتابه (ص ٧٧)، وأصله في «الأربعين الطبية» للموفق البغدادي ولفظه: «وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يشرب كل يوم قدح عسل ممزوجًا على الريق». ونقله عنه ابن الملقن في «التوضيح» (٢٧/ ٣٥١) والفيروزابادي في «ترقيق الأمل» (ص ١١٥)، وسكت عنه ابن حجر في «الفتح» (٩/ ٥٥٧)، ولا يُعرف له إسناد.
(٤) «سنن ابن ماجه» (٣٤٥٠). وأخرجه أيضًا أبو يعلى (٦٤١٥)، والطَّبراني في «الأوسط» (٤٠٨)، وأبو نعيم في «الطِّب النَّبوي» (١٦٢، ٥٦٣)، والبيهقيُّ في «الشُّعب» (٥٥٣٠). وقد تتابع الأئمَّةُ والعلماءُ على تضعيف هذا الحديث، فضعَّفه البخاريُّ في «التَّاريخ الكبير» (٦/ ٥٥)، والعقيليُّ في «الضُّعفاء» (٣/ ٤٠)، وابن حبَّان في «المجروحين» (١/ ٣١٣)، وابن عديٍّ في «الكامل» (٤/ ١٩١، ٧/ ٦)، وابن حجر في «الفتح» (١٠/ ١٤٠)، وهو في «السِّلسلة الضَّعيفة» (٧٦٢). وبالغ ابن الجوزيِّ فذكره في «الموضوعات» (٣/ ٢١٥).