العالمين، وإنَّما قصدنا به مجرَّدَ هديِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سيرته وأقضيته وأحكامه، وما تضمَّن سوى ذلك فتَبعٌ مقصودٌ لغيره فهَبْ أنَّ من لم يقضِ بالنُّكول تناقضَ، فماذا يَضُرُّ ذلك هديَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟» (٥/ ٥٢١).
هذا ما يتعلق بغرضه من تأليف الكتاب، أما ما يتعلق بمنهجه فيه، فقد صرح في أوله وفي أثنائه في مواضع متفرقة بطريقته فيه. ومن الطبيعي أن ينعكس الهدف الذي أنشأ المؤلف كتابه من أجله على طبيعة المادة ومسائل البحث التي أوردها وعلى طريقته في إيرادها، وقد نبَّه إلى قضية مهمة جدًّا في منتصف المجلد الأول تقريبًا، حيث قال: «فنحن لم نتعرض في هذا الكتاب لما يجوز ولما لا يجوز، وإنما مقصودنا فيه هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يختاره لنفسه، فإنه أكمل الهدي وأفضله، فإذا قلنا:(لم يكن من هديه المداومة على القنوت في الفجر، ولا الجهر بالبسملة)، لم يدل ذلك على كراهية غيره، ولا أنه بدعة، ولكن هديه - صلى الله عليه وسلم - أكمل الهدي وأفضله» (١/ ٣١٨).
وقد يفصّل ويطيل وينبه لأجل غرض تربويّ تعليميّ، أفصحَ عنه بقوله:«وإنَّما نبَّهنا على مأخَذِها وأدلَّتها ليعلم الغِرُّ الذي بضاعته من العلم مزجاةٌ: أنَّ هناك شيئًا آخر وراء ما عنده، وأنَّه إذا كان ممَّن قَصُر في العلم باعُه، وضَعُف خلفَ الدَّليل، وتقاصرَ عن جَنْي ثمارِه ذراعُه، فليعذر مَن شمَّر عن ساق عزمِه، وحام حولَ آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحكيمها، والتَّحاكم إليها بكلِّ همَّةٍ». (٥/ ٣٤٤).
وأما معالم منهجه في أقسام الكتاب في سياق الموضوعات وطريقة العرض والإيراد والتحليل، فنشير إليها في السطور الآتية:
المجلد الأول افتتحه المؤلف رحمه الله بعد مقدمته بنُبذ في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -،