للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنَّ الدَّم ينضج ويرِقُّ (١) ويخرج إلى سطح الجسد الدَّاخل، فتُخْرِجه الحجامةُ ما لا يُخرجه الفصد. ولذلك كانت أنفع للصِّبيان من الفصد، ولمن لا يقوى على الفصد.

وقد نصَّ الأطبَّاء (٢) على أنَّ البلاد الحارَّة الحجامةُ فيها أنفَعُ وأفضلُ من الفصد، وتستحبُّ في وسط الشَّهر وبعد وسطه؛ وبالجملة في الرُّبع الثَّالث من أرباع الشَّهر، لأنَّ الدَّم في أوَّل الشَّهر لم يكن بعد قد هاجَ وتبيَّغ، وفي آخره يكون قد سكن. وأمَّا في وسطه وبُعَيدَه، فيكون في نهاية التَّزيُّد.

قال صاحب «القانون» (٣): ويؤمر باستعمال الحجامة، لا في أوَّل الشَّهر لأنَّ الأخلاط لا تكون قد تحرَّكت وهاجت، ولا في آخره لأنَّها تكون قد نقصت، بل في وسط الشَّهر حين تكون الأخلاط هائجةً بائغةً (٤) في تزيُّدها لتزيُّد النُّور في جِرْم القمر.

وقد روي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «خيرُ ما تداويتم به الحجامة والفصد» (٥).


(١) س، ث، ل: «يروق»، وهو ساقط من حط.
(٢) هذا نصُّ كلام الحموي (ص ١٦٤ - ١٦٧).
(٣) (١/ ٢٩٩ - ٣٠٠).
(٤) كذا في الأصل (ف)، د، ز، س، والطبعة الهندية وغيرها، يعني: هائجة. وفي ث: «بالغة» كما أثبت الفقي وتبعته نشرة الرسالة. ولم تحرر الكلمة في النسخ الأخرى. وفي مطبوعة «القانون»: «تابعة»، وهو أشبه.
(٥) أخرجه أبو نعيم في «الطب النبوي» (١٨٢) من طريق الحُسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جدِّه، عن عليٍّ - رضي الله عنه - به مرفوعًا، وهذا إسناد تالف؛ الحسين بن عبد الله بن ضميرة متروك كما قال ابن المدينيِّ وأحمد والدَّارقطني وغيرهم، بل كذَّبه مالك وأبو حاتم وابن الجارود. ينظر: «اللِّسان» (٢/ ٢٨٩).