للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا ثبتت (١) هذه المقدِّمات الأربع أمكن الاستدلال بفعله على بقاء الصَّوم مع الحجامة، وإلَّا فما المانع أن يكون الصَّوم نفلًا يجوز الخروج منه بالحجامة وغيرها، أو من رمضان لكنَّه في السَّفر، أو من رمضان في الحضر لكن دعت الحاجة إليها كما تدعو حاجةُ مَن به مرضٌ إلى الفطر، أو يكون فرضًا من رمضان في الحضر من غير حاجةٍ إليها، لكنَّه مُبْقٍ على الأصل، وقولُه: «أفطر الحاجم والمحجوم» ناقلٌ ومتأخِّرٌ، فيتعيَّن المصير إليه. ولا سبيل إلى إثبات واحدةٍ من هذه المقدِّمات (٢) الأربع، فكيف بإثباتها كلِّها!

- وفيها دليلٌ على استئجار الطَّبيب وغيره من غير عقد إجارةٍ، بل يعطيه أجرة المثل أو ما يرضيه.

- وفيها دليلٌ على جواز التَّكسُّب بصناعة الحجامة وإن كان لا يطيب للحُرِّ أكلُ أجرته، من غير تحريمٍ عليه؛ فإنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أعطاه أجره ولم يمنعه من أكله. وتسميته إيَّاه خبيثًا كتسميته للثَّوم والبصل خبيثين، ولم يلزم من ذلك تحريمهما.

- وفيها دليلٌ على جواز ضرب الرَّجل الخراجَ على عبده كلَّ يومٍ شيئًا معلومًا بقدر طاقته وأنَّ للعبد أن يتصرَّف فيما زاد على خراجه. ولو مُنِع من التَّصرُّف فيه لكان كسبُه كلُّه خراجًا، ولم يكن لتقديره فائدةٌ؛ بل ما زاد على


(١) ف: «تثبتت».
(٢) ف، ز، حط، ن: «المقامات».