للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متى لم يكتوِ هلَكَ، فنهاهم عنه لأجل هذه النِّيَّة. وقيل: إنَّما نهى عنه (١) عمرانَ بن حُصَينٍ خاصَّةً، لأنَّه كان به ناصورٌ (٢)، وكان موضعه خطرًا، فنهاه عن كيِّه. فيشبه أن يكون النَّهي منصرفًا إلى الموضع المخوف منه. والله (٣) أعلم.

وقال ابن قتيبة (٤): الكيُّ جنسان: كيُّ الصَّحيح لئلَّا يعتلَّ. فهذا الذي قيل فيه: «لم يتوكَّل مَن اكتوى»، لأنَّه يريد أن يدفع القدر عن نفسه. والثَّاني: كيُّ الجُرح إذا نَغِل، والعضوِ إذا قُطِع؛ ففي هذا الشِّفاءُ. وأمَّا إذا كان الكيُّ للتَّداوي الذي يجوز أن ينجح، ويجوز أن لا ينجح؛ فإنَّه إلى الكراهة أقرب. انتهى (٥).

وثبت في الصَّحيح من حديث السَّبعين ألفًا الذين يدخلون الجنَّة بغير حسابٍ: أنَّهم «الَّذين لا يسترقُون، ولا يكتوون، ولا يتطيَّرون، وعلى ربِّهم


(١) «عنه» ساقط من د.
(٢) أخرج أبو داود (٩٥٢)، وابن ماجه (١٢٢٣)، وأحمد (١٩٨١٩)، عن عمران - رضي الله عنه - قال: كان بي النَّاصور، فسألتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: «صلِّ قائمًا ... » الحديث. وصحَّحه ابن الجارود (٢٣١)، وابن خزيمة (٩٧٩، ١٢٥٠)، والحاكم (١/ ٣١٤). وهو في البخاريِّ (١١١٥، ١١١٦، ١١١٧) بلفظ: «وكان مَبسورًا»، ولفظ: «كانت بي بواسير».
(٣) ز، س، ن: «فالله».
(٤) في «تأويل مختلف الحديث» (ص ٤٦٢ - ٤٦٤). والنقل عن الحموي (ص ١٠٥ - ١٠٦).
(٥) قول المؤلف: «انتهى» يفيد أن هذا كله من كلام ابن قتيبة، ولكن قوله: «وأما إذا كان الكيُّ ... أقرب» لم يرد في كتابه، فأخشى أن يكون من كلام الحموي، وقد انتهى النقل عن ابن قتيبة ملخَّصًا بقوله: «ففي هذا الشفاء».