للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: الصَّرع صرعان: صرعٌ من الأرواح الخبيثة الأرضيَّة، وصرعٌ من الأخلاط الرَّديَّة. والثَّاني: هو الذي يتكلَّم فيه الأطبَّاء وفي سببه وعلاجه.

وأمَّا صرع الأرواح، فأئمَّتهم وعقلاؤهم يعترفون به ولا يدفعونه، ويعترفون بأنَّ علاجه بمقابلة الأرواح الخيِّرة الشَّريفة (١) العلويَّة لتلك الأرواح الشِّرِّيرة الخبيثة، فتدفع آثارَها، وتعارض أفعالَها وتُبطِلها. وقد نصَّ على ذلك بُقْراط (٢) في بعض كتبه، فذكر بعض علاج الصَّرع وقال: هذا إنَّما ينفع في (٣) الصَّرع الذي سببه الأخلاط والمادَّة. وأمَّا الصَّرع الذي يكون من الأرواح فلا ينفع فيه هذا العلاج (٤).

وأمَّا جهلة الأطبَّاء وسَقَطهم وسَفِلتهم ومن يعتدُّ (٥) بالزَّندقة فضيلةً، فأولئك ينكرون صرع الأرواح، ولا يقرُّون بأنَّها تؤثِّر في بدن المصروع. وليس معهم إلا الجهل، وإلَّا فليس في الصِّناعة الطِّبِّيَّة ما يدفع ذلك. والحسُّ والوجود شاهدٌ به. وإحالتهم ذلك على غلبة بعض الأخلاط هو (٦) صادقٌ في بعض أقسامه لا في كلِّها (٧).


(١) ن: «الشريفة الخيرة».
(٢) س، ث، حط، ل: «أبقراط».
(٣) د، ن: «من».
(٤) انظر: «الرَّدّ على المنطقيين» (٤٧١)، و «مجموع الفتاوى» (١٩/ ٣٢).
(٥) ز، ث، ل: «تعبَّد». وفي النسخ المطبوعة: «يعتقد».
(٦) د، ث، ل: «وهو»، ولعل صوابه: «فهو».
(٧) د: «كله».