للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنالت منه الكفارُ (١) أذًى شديدًا. ثم ماتت خديجة بعد ذلك بيسير، فاشتدَّ أذى الكفار له. فخرج إلى الطائف هو وزيد بن حارثة يدعو إلى الله، وأقام به أيامًا، فلم يجيبوه، وآذوه، وأخرجوه، وقاموا له سِماطَين، فرجموه بالحجارة حتى أدْمَوا كعبيه؛ فانصرف عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعًا إلى مكة.

وفي طريقه لقي عدَّاسًا النصراني، فآمن به، وصدَّقه. وفي طريقه أيضًا بنخلةَ صُرِف إليه نفرٌ من الجن سبعةٌ من أهل نَصيبِين، فاستمعوا القرآن وأسلموا.

وفي طريقه تلك أرسل الله إليه ملَكَ الجبال يأمره بطاعته وأن يُطبِقَ على قومه أخشَبَي مكة ــ وهما جبلاها ــ إن أراد، فقال: «بل أستأني بهم، لعل الله أن يُخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئًا» (٢).

وفي طريقه دعا بذلك الدعاء المشهور: «اللهم إليك أشكو ضعفَ قوتي (٣) ... » (٤) الحديث. ثم دخل مكة في جوار المطعِم بن عدي.


(١) مب: «فنال الكفار منه».
(٢) أخرجه البخاري (٣٢٣١) ومسلم (١٧٩٥) وغيرهما من حديث عائشة - رضي الله عنها - بلفظ: «بل أرجو أن يخرج الله من ... »، وأما اللفظ: «بل أستأني بهم» هو في قصة أخرى من حديث عبد الله بن عباس في سؤال أهل مكة تحويل الصفا ذهبًا وتنحية الجبال عنهم ليزدرعوا، أخرجه أحمد (٢٣٣٣) والبزار (٢٢٢٥ - كشف الأستار) والنسائي في «الكبرى» (١١٢٦٦)، صححه الحاكم (٢/ ٣٦٢) واختاره الضياء (١٠/ ٧٩، ٨٠).
(٣) في ك، ع، مب، ن زيادة: «وقلة حيلتي».
(٤) رواه ابن إسحاق (١/ ٤٢٠ - سيرة ابن هشام) عن يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي مرسلًا. ورواه أيضًا ابن عدي في «الكامل» في ترجمة محمد بن إسحاق بن يسار (٩/ ٤٦) والطبراني في «المعجم الكبير» (١٣/ ٧٣ و ١٤/ ١٣٩، ١٤٠) وفي «الدعاء» (١٠٣٦) والضياء المقدسي (٩/ ١٨١) من حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. رجال إسناده ثقات إلا أن محمد بن إسحاق قد عنعنه. وانظر: «السلسلة الضعيفة» (٢٩٣٣). وسيأتي مرة أخرى بطوله (٣/ ٣٩).