للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان معتدل الحرارة في مزاجه، مسخِّنًا للبدن (١)، وربَّما برَّد البدنَ بتسمينه إيَّاه.

قال الرَّازيُّ (٢): الإبريسَم أسخن من الكتَّان، وأبرد من القطن، يربِّي اللَّحم. وكلُّ لباسٍ خشنٍ فإنَّه يهزُل ويصلِّب البشرةَ، وبالعكس.

قلت: والملابس ثلاثة أقسامٍ: قسمٌ يسخِّن البدن ويدفِّئه، وقسمٌ يدفِّئه ولا يسخِّنه، وقسمٌ لا يسخِّنه ولا يدفِّئه. وليس هناك ما يسخِّنه ولا يدفِّئه، إذ ما يسخِّنه فهو أولى بتدفئته. فملابس الأوبار والأصواف تسخِّن وتدفِّئ، وملابس الكتَّان والحرير والقطن تدفِّئ ولا تسخِّن. فثياب الكتَّان باردةٌ يابسةٌ، وثياب الصُّوف حارةٌ يابسةٌ، وثياب القطن معتدلة الحرارة، وثياب الحرير ألين من القطن وأقلُّ حرارةً منه.

قال صاحب «المنهاج» (٣): ولبسُه لا يسخِّن كالقطن، بل هو معتدلٌ.

وكلُّ لباسٍ أملس صقيلٍ فإنَّه أقلُّ إسخانًا للبدن، وأقلُّ عونًا في تحلُّلِ ما يتحلَّل منه، وأحرى أن يُلبَس في الصَّيف وفي البلاد الحارَّة. ولمَّا كانت ثياب


(١) كذا في جميع النسخ الخطية والمطبوعة غير أن ناسخ ف كتب بعده: «ليس بمسخِّن له»، ثم ضُرب عليه لأنه ضدُّ قوله: «مسخنًا للبدن». والحق أن «مسخِّنًا»، تصحيف «مسمِّنًا»، والجملة المضروب عليها واقعة في محلِّها، كما في كتاب الحموي، والنقل منه بنصِّه.
(٢) لم أقف على المصدر الذي نقل منه الحموي قول الرازي.
(٣) هو ابن جزلة البغدادي (ت ٤٩٣). انظر كتابه «منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان» (ص ١١٥).