للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم من قال: حُرِّم لما يورثه ملابستُه للبدن من الأنوثية والتخنيث وضدِّ الشَّهامة والرُّجوليَّة، فإنَّ لبسه يُكسِبُ القلبَ صفةً من صفات الإناث. ولهذا لا تكاد تجد من يلبسه في الأكثر إلا وعلى شمائله من التخنيث والتأنيث والرَّخاوة ما لا يخفى؛ حتَّى لو كان من أشهم النَّاس وأكثرهم فحوليَّةً ورجوليَّةً، فلا بدَّ أن ينقصه لبسُ الحرير منها وإن لم يُذْهِبها. ومن غلُظَت طباعُه وكثُفَت عن فهم هذا فليسلِّم للشَّارع الحكيم. ولهذا كان أصحُّ القولين: أنَّه يحرم على الوليِّ أن يُلبسه الصَّبيَّ لما ينشأ عليه من صفات أهل التَّأنيث (١).

وقد روى النَّسائيُّ (٢) من حديث أبي موسى الأشعريِّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «إنَّ الله أحلَّ لإناث أمَّتي الحرير والذَّهب، وحرَّمه على ذكورها». وفي لفظٍ: «حرَّم لباس الحرير والذَّهب على ذكور أمَّتي، وأحلَّ لإناثهم» (٣).

وفي «صحيح البخاريِّ» (٤) عن حذيفة قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لُبْس


(١) انظر: «تحفة المودود» (ص ٣٥٢ - ٣٥٣).
(٢) برقم (٥١٤٨، ٥٢٦٥) من طريق سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى - رضي الله عنه - به. وأخرجه أيضًا أحمد (١٩٥١٥، ١٩٦٤٥)، والتِّرمذيُّ (١٧٢٠) وقال: «حسنٌ صحيح»، وتُعُقِّب بأنَّ سعيدًا لم يسمع من أبي موسى - رضي الله عنه - شيئًا. وقد اختُلِف في إسناده، فأخرجه أحمد (١٩٥٠٢، ١٩٥٠٣، ١٩٥٠٧) وغيرُه عن سعيد بن أبي هند، عن رجلٍ، عن أبي موسى - رضي الله عنه -. وللحديثِ شواهدُ كثيرةٌ يصحُّ بها، بل عدَّ بعضُهم نهيَ الذُّكور عن الذَّهب والحرير من المتواتر. ويُنظَر: «نصب الرَّاية» (٤/ ٢٢٢ - ٢٢٥)، و «الإرواء» (٢٧٧).
(٣) هذا اللَّفظ عند التِّرمذيِّ (١٧٢٠).
(٤) برقم (٥٤٢٦، ٥٨٣٧). وأخرجه مسلم (٢٠٦٧) دون ذكر الجلوس عليه. والمؤلف صادر عن كتاب الحموي.