للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّدبير، فإنَّ الدَّوالي أقناءٌ من الرُّطَب تُعلَّق في البيت للأكل بمنزلة عناقيد العنب، والفاكهةُ تضرُّ بالنَّاقه من المرض لسرعة استحالتها وضعفِ الطَّبيعة عن دفعها، فإنَّها بعدُ لم تتمكَّن قوَّتها، وهي مشغولةٌ بدفع آثار العلَّة وإزالتها من البدن.

وفي الرُّطب خاصَّةً نوع ثقلٍ على المعدة، فتشتغل بمعالجته وإصلاحه عمَّا هي بصدده من إزالة بقيَّة المرض وآثاره. فإمَّا أن تقف تلك البقيَّة، وإمَّا أن تتزايد. فلمَّا وُضع بين يديه السِّلق والشَّعير أمره أن يصيب منه، فإنَّه من أنفع الأغذية للنَّاقه، فإنَّ في ماء الشَّعير من التَّبريد والتَّغذية والتَّلطيف والتَّليين وتقوية الطَّبيعة ما هو أصلح للنَّاقه، ولا سيَّما إذا طُبِخ بأصول السِّلق. فهذا من أوفق الغذاء لمن في معدته ضعفٌ، ولا يتولَّد عنه من الأخلاط ما يخاف منه.

وقال زيد بن أسلم: حمى عمر مريضًا له حتَّى إنَّه من شدَّة ما حماه كان يمُصُّ النَّوى (١).

وبالجملة: فالحمية من أكبر (٢) الأدوية قبل الدَّاء، فتمنع حصولَه. وإذا حصل فتمنع تزايده وانتشاره.


(١) أخرجه الحاكم (٤/ ٢٠٧) من طريق مسلم بن خالد الزِّنجي, عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: «مرضتُ في زمان عمر بن الخطَّاب مرضًا شديدًا، فدعا لي عمرُ طبيبًا، فحماني حتَّى كنتُ أمصُّ النَّواةَ مِن شدَّة الحِميَة». وصحَّحه الذَّهبيُّ كما في «مختصر التَّلخيص» (٩٣٤)، والزِّنجي متكلم فيه ولكنه لم ينفرد به، بل تابعه عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جدِّه مختصرًا، كما عند حرب في «مسائله» (٢/ ٨٣٦ - رسالة جامعية).
(٢) ن: «أنفع» وكذا في النسخ المطبوعة.