للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّأس والبدن، فينبعث منها قسطٌ إلى جوهر العين؛ أو بضربةٍ (١) تصيب العينَ، فترسل الطَّبيعةُ إليها من الدَّم والرُّوح مقدارًا كثيرًا، تروم بذلك شفاءها ممَّا عرض لها، ولأجل ذلك يورَم (٢) العضو المضروب، والقياس يوجب ضدَّه.

واعلم أنَّه كما يرتفع من الأرض إلى الجوِّ بخاران أحدهما: حارٌّ يابسٌ والآخر حارٌّ رطبٌ، فينعقدان سحابًا متراكمًا، ويمنعان أبصارنا من إدراك السَّماء؛ فكذلك يرتفع من قعر المعدة إلى منتهاها مثلُ ذلك، فيمنعان النَّظر ويتولَّد عنهما عللٌ شتَّى. فإن قويت الطَّبيعة على ذلك ودفعته إلى الخياشيم أحدث الزُّكامَ. وإن دفعته إلى اللَّهاة والمَنْخِرَين أحدث الخُنَانَ (٣). وإن دفعته إلى الجنب أحدث الشَّوْصَة (٤). وإن دفعته إلى الصَّدر أحدث النَّزلة. وإن انحدر إلى القلب أحدث الخبطة. وإن دفعته إلى العين أحدث رمدًا. وإن انحدر إلى الجوف أحدث السَّيَلان. وإن دفعته إلى منازل الدِّماغ أحدث


(١) يعني: أو يعرض بضربة. وفي مخطوطة كتاب الحموي: «لضربة»، ومثله في ث. وفي النسخ المطبوعة: «ضربة»، غيَّر بعضهم لإصلاح السياق.
(٢) كذا في جميع النسخ الخطية والطبعات القديمة. وضبط في حط بضم الياء وفي ن بضمها وفتح الراء، وتحته: «ط يرِم». ولعل الوارد في النسخ: «يَوْرَم» على لغة العامّة. وهو القياس ولكن لم يسمع من العرب، والصواب: يَرِمُ، مثل ورِث يرِث كما في كتاب الحموي (ص ٣١٠).
(٣) كذا في جميع النسخ. وهو داء يأخذ في الأنف. وفي النسخ المطبوعة: «خُناق». والخناق ورمٌ في عضلات الحنجرة والنُّغْنُغ. انظر: «بحر الجواهر» (ص ١١٨، ١١٩).
(٤) سبق تفسيرها.