للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أحمد بن الحسين (١):

وما التِّيهُ طِبِّي فيهمُ غيرَ أنَّني ... بغيضٌ إليَّ الجاهلُ المتعاقلُ

ومنها: السِّحر. يقال: رجلٌ مطبوبٌ، أي مسحورٌ. وفي الصَّحيح في حديث عائشة: لمَّا سحرت يهودُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وجلس الملكانِ عند رأسه وعند رجليه، فقال أحدهما: ما بال الرَّجل؟ قال الآخر: مطبوبٌ. قال: من طبَّه؟ قال: فلانٌ اليهوديُّ (٢).

قال أبو عبيد (٣): إنَّما قالوا للمسحور: مطبوبٌ، لأنَّهم كنَوا بالطِّبِّ عن السِّحر، كما كنَوا عن اللَّديغ، فقالوا: «سليمٌ» تفاؤلًا بالسَّلامة، وكما كنوا بالمفازة عن الفلاة المهلكة الَّتي لا ماء فيها، فقالوا: «مفازةٌ» تفاؤلًا بالفوز من الهلاك.

ويقال: الطِّبُّ لنفس الدَّواء (٤). قال ابن أبي الأسلت (٥):

ألا من مبلغٌ حسَّانَ عنِّي ... أسحرٌ كان طبَّك أم جنونُ (٦)


(١) زاد بعده محققا طبعة الرسالة: «المتنبي» دون تنبيه. والجدير بالذكر أن في كتاب الحموي: «وقال المتنبي» فاستبدل به ابن القيم «أحمد بن الحسين». والبيت في «ديوانه» (ص ٣٦٧).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) في «غريب الحديث» (٣/ ٤٠٥ - ٤٠٦).
(٤) كذا في جميع النسخ الخطية والمطبوعة إلا نشرة الفقي الذي أثبت «الداء» وهو الصواب الوارد في كتاب الحموي (ص ٥٢)، وانظر مخطوطه (٣/ب). ولعل ما في النسخ من سبق القلم. وقال ابن السيد في «المثلث» (٢/ ٧٩): «والطب: الداء، وهو من الأضداد»، ومما استشهد به على ذلك هذا البيت.
(٥) كذا في جميع النسخ الخطية والمطبوعة (في د، ل: «الأسلب» بالباء، تصحيف). والصواب كما في كتاب الحموي: «ابن الأسلت». اسمه صيفي وأبوه عامر الملقب بالأسلت، من الأوس. وحسان بن ثابت من الخزرج. وكانا يتهاجيان. انظر: «جمهرة أنساب العرب» لابن حزم (ص ٣٤٥) و «الإصابة» (١٢/ ٥٤٥ ــ هجر).
(٦) من شواهد سيبويه (١/ ٤٩)، وهذه روايته. ورواه ابن دريد في «الجمهرة» (١/ ٧٣): «أطِبٌّ كان داءَك» على أن الطب بمعنى السحر. وفي «الجمل» المنسوب للخليل (ص ١٢١): «كان ذلك»، ولعل «ذلك» تصحيف «داءَك». وانظر: «الخزانة» (٩/ ٢٩٥).