للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من رحمتك وشفاءً من شفائك على هذا الوجع. فيبرأ بإذن اللَّه».

وفي «صحيح مسلم» (١) عن أبي سعيدٍ (٢) أنَّ جبريل أتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «يا محمَّد اشتكيتَ؟». [قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم»] (٣). فقال جبريل - صلى الله عليه وسلم -: «باسم الله أرقيك، من كلِّ داءٍ يؤذيك، ومن كلِّ نفسٍ وعينِ حاسدٍ. اللهُ يشفيك، باسم الله أرقيك» (٤).

فإن قيل: فما تقولون في الحديث الذي رواه أبو داود (٥): «لا رقية إلا في (٦) عينٍ أو حُمَةٍ». والحُمَة: ذوات السُّموم كلُّها.

فالجواب: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - لم يرد به نفي جواز الرُّقية في غيرها، بل المراد به: لا رقية أولى وأنفع منها في العين والحُمَة. ويدلُّ عليه سياق الحديث، فإنَّ سهل بن حُنَيفٍ قال له لمَّا أصابته العين: أوَفي الرُّقى خيرٌ؟ فقال: «لا رقية إلا في نفسٍ أو حُمَةٍ» (٧). ويدلُّ عليه سائر أحاديث الرُّقى العامَّة والخاصَّة. وقد روى أبو داود (٨) من حديث أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا رقية إلا من


(١) برقم (٢١٨٦)، ولفظ الحديث هنا منقول من كتاب الحموي، وقد أحال على مسلم والترمذي. انظر مخطوطته (ق ٢٩/أ). أما المطبوع فتصرف فيه الناشر.
(٢) بعده في ن زيادة: «الخدري».
(٣) ما بين المعقوفين من كتاب الحموي، ولعله سقط لانتقال النظر.
(٤) في النسخ المطبوعة لفظ الحديث موافق لما ورد في «صحيح مسلم».
(٥) برقم (٣٨٨٨) من حديث سهل بن حنيف - رضي الله عنه -، وقد تقدَّم تخريجه.
(٦) ز: «من»، وكذا في النسخ المطبوعة، ومطبوعة «السنن».
(٧) بعده في حديث سهل: «أو لدغة»، وقد سبق تخريجه.
(٨) برقم (٣٨٨٩). وأخرجه أيضًا الطَّبرانيُّ في «الكبير» (١/ ٢٥٤). وصحَّحه الحاكم (٤/ ٤١٣)، لكن في إسناده شريك بن عبد الله النَّخعيُّ سيِّئ الحفظ. ويُروى مرسلًا، قال أبو حاتم كما في «العلل» لابنه (٦/ ٣٣١): «لا معنى لذكر أنس فيه، لأنَّ الحفَّاظ يُرسلونه من حديث شريك، إلَّا أن يكون هذا من شريكٍ»، وأعلَّه الدَّارقطنيُّ في «العلل» (١٢/ ١١٠) بالاضطراب.