للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بإذن اللَّه. ومدارُ تأثير الأدوية والأدواء على الفعل والانفعال. وهو كما يقع بين الدَّاء والدَّواء الطَّبيعيَّين، يقع بين الدَّاء والدَّواء الرُّوحانيَّين، والرُّوحانيِّ والطَّبيعيِّ. وفي النَّفث والتَّفل استعانةٌ بتلك الرُّطوبة والهواء والنَّفَس المباشر للرُّقية والذِّكر والدُّعاء. فإنَّ الرُّقية تخرج من قلب الرَّاقي وفمه، فإذا صاحبها شيءٌ من أجزاء باطنه من الرِّيق والهواء والنَّفَس كانت أتمَّ تأثيرًا، وأقوى فعلًا ونفوذًا. ويحصل بالازدواج بينها (١) كيفيَّةٌ مؤثِّرةٌ شبيهةٌ بالكيفيَّة الحادثة عند تركيب الأدوية.

وبالجملة: فنفسُ الرَّاقي يقابل (٢) تلك النَّفوس الخبيثة، ويزيد (٣) بكيفيَّة نفسه، ويستعين بالرُّقية وبالنَّفث على إزالة ذلك الأثر. وكلَّما كانت كيفيَّة نفس الرَّاقي أقوى كانت الرُّقية أتمَّ. واستعانتُه بنفثه كاستعانة تلك النُّفوس الرَّديَّة بلسعها.

وفي النَّفث سرٌّ آخر، فإنَّه ممَّا تستعين به الأرواح الطَّيِّبة والخبيثة. ولهذا تفعله السَّحرة كما يفعله أهل الإيمان. قال تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: ٤]. وذلك لأنَّ النَّفس تتكيَّف بكيفيَّة الغضب والمحاربة، وتُرسل أنفاسها سهامًا لها، وتُمِدُّها بالنَّفث والتَّفل الذي معه شيءٌ من ريقٍ مصاحب (٤) لكيفيَّةٍ مؤثِّرةٍ. والسَّواحر تستعين بالنَّفث استعانةً بيِّنةً، وإن لم


(١) يعني بين الرقية وشيء من أجزاء باطن الراقي. وفي ن: «بينهما».
(٢) تذكير الفعل للمضاف إليه، وقد أهمل في الأصل حرف المضارع في هذا وما بعده، وفي حط، ن: «تقابل».
(٣) ث، ل: «يؤيد»، ورسمه في الأصل يحتمل هذه القراءة.
(٤) ضبط في ل بالضم وفي حط بالكسر.