للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان هذا تأثير الذُّنوب والآثام في القلوب، فلا دواء لها إلا التَّوبة والاستغفار.

وأمَّا الصَّلاة، فشأنُها في تفريح القلب وتقويته وشرحه وابتهاجه ولذَّته أكبرُ شأنٍ. وفيها من اتِّصال القلب والرُّوح باللَّه وقربه، والتَّنعُّمِ بذكره، والابتهاجِ بمناجاته، والوقوفِ بين يديه، واستعمالِ جميع البدن وقواه وآلاته في عبوديَّته، وإعطاءِ كلِّ عضوٍ حظَّه منها، واشتغالِه عن التَّعلُّق بالخلق وملابستهم ومحاوراتهم، وانجذابِ قوى قلبه وجوارحه إلى ربِّه وفاطره وراحته من عدوِّه حالة الصَّلاة= ما صارت به من أكبر الأدوية والمفرِّحات والأغذية الَّتي لا تلائم إلا القلوب الصَّحيحة. وأمَّا القلوب العليلة فهي كالأبدان العليلة لا تناسبها الأغذية الفاضلة (١).

فالصَّلاة من أكبر العون على تحصيل مصالح الدُّنيا والآخرة، ودفعِ مفاسد الدُّنيا والآخرة. وهي منهاةٌ عن الإثم، ودافعةٌ لأدواء القلوب، ومَطْرَدةٌ للدَّاء عن الجسد، ومنوِّرةٌ للقلب، ومبيِّضةٌ للوجه، ومنشِّطةٌ للجوارح والنَّفس، وجالبةٌ للرِّزق، ودافعةٌ للظُّلم، وناصرةٌ للمظلوم، وقامعةٌ لأخلاط الشَّهوات، وحافظةٌ للنِّعمة، ودافعةٌ للنِّقمة، ومنزلةٌ للرَّحمة (٢)، وكاشفةٌ للغمَّة، ونافعةٌ من كثيرٍ (٣) من أوجاع البطن.


(١) في طبعة الرسالة: «فهي كالأبدان لا تناسبها إلا الأغذية الفاضلة» خلافًا لجميع النسخ الخطية والمطبوعة. وقد أفسد هذا التصرف سياق الكلام وأحال معناه.
(٢) د: «مسقلة للوجه»، تصحيف.
(٣) ز: «لكثير».