للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حركاتٍ وأوضاعٍ مختلفةٍ من الانتصاب والرُّكوع والسُّجود والتَّورُّك (١) والانتقالات وغيرها من الأوضاع الَّتي يتحرَّك معها أكثرُ المفاصل، وينغمز معها أكثرُ الأعضاء الباطنة، كالمعدة والأمعاء وسائر آلات النَّفس والغذاء. فما (٢) ينكر أن يكون في هذه الحركات تقويةً وتحليلًا (٣) للموادِّ، ولا سيَّما بواسطة قوَّة النَّفس وانشراحها في الصَّلاة، فتقوى الطَّبيعة، فتدفَع (٤) الألمَ (٥). ولكن داء الزَّندقة والإعراض عمَّا جاءت به الرُّسل والتَّعوُّض عنه بالإلحاد داءٌ ليس له دواءٌ إلا نارٌ تلظَّى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذَّب وتولَّى!

وأمَّا تأثير الجهاد في دفع الهمِّ والغمِّ، فأمرٌ معلومٌ بالوجدان، فإنَّ النَّفس متى تركت صائل الباطل وصولته واستيلاءه اشتدَّ همُّها وغمُّها وكربُها وخوفُها. فإذا جاهدته لله أبدل الله ذلك الهمَّ والحزن فرحًا ونشاطًا وقوَّةً، كما قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} [التوبة: ١٤ - ١٥]. فلا شيءَ


(١) «والتورك» ساقط من ز، د.
(٢) في الأصل (ف): «فلا»، ولكن أخشى أن يكون مغيَّرًا.
(٣) كذا في الأصل وغيره إلا ل التي فيها «تحليلٌ» على الصواب، والظاهر أن السهو كان في أصل المؤلف، وقد جرى على لغة العامة من نصب اسم كان إذا كان نكرة وخبرها شبهُ جملة مقدَّم. ولا تزال هذه اللغة شائعة. أما النسخة (ل) فلعل ناسخها أصلح العبارة.
(٤) ن: «فيندفع».
(٥) هذا الكلام مأخوذ من كلام الحموي في كتابه (ص ٢٦٨) ومصدره كتاب «الأربعين الطبية» للموفق عبد اللطيف البغدادي (ص ١٢٨)، وله في شرح الحديث كلام عالٍ نفيس.