للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتعذَّر عليها (١) أحيانًا. فإن لم يتناول غيره ضعُف أو هلك، وإن تناول غيره لم تقبله الطَّبيعة واستضرَّ به. فقصرُها على نوعٍ واحدٍ دائمًا، ولو أنَّه أفضلُ الأغذية، خطرٌ مُضِرٌّ.

بل كان يأكل ما جرت عادة أهل بلده بأكله، من اللَّحم والفاكهة والخبز والتَّمر وغيره ممَّا ذكرناه في هديه في المأكول، فعليك بمراجعته هاهنا.

وإذا كان في أحد الطَّعامين كيفيَّةٌ تحتاج إلى كسرٍ وتعديلٍ كسرَها وعدَّلها بضدِّها إن أمكن، كتعديله (٢) حرارةَ الرُّطَب بالبطِّيخ. وإن لم يجد ذلك تناوَلَه على حاجةٍ وداعيةٍ من النَّفس من غير إسرافٍ، فلا تتضرَّر (٣) به الطَّبيعة.

وكان إذا عافت نفسُه الطَّعامَ لم يأكله، ولم يحمِّلها إيَّاه على كرهٍ. وهذا أصلٌ عظيمٌ في حفظ الصِّحَّة. فمتى أكل الإنسان ما تعافه نفسه ولا تشتهيه كان تضرُّره به أكثر من انتفاعه.

قال أنس (٤): ما عاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعامًا قطُّ. إن اشتهاه أكله، وإلَّا تركه ولم يأكل منه.


(١) س: «عليه».
(٢) ن: «كتعديل».
(٣) ما عدا الأصل (ف)، حط، ن: «ولا تتضرر».
(٤) كذا في جميع النسخ الخطية والمطبوعة إلا طبعة الرسالة. وعزاه في «طريق الهجرتين» إلى عائشة. والصواب أنه من حديث أبي هريرة كما في «الوابل الصيب» للمؤلف (ص ٣٣٩). أخرجه البخاري (٣٥٦٣) ومسلم (٢٠٦٤).