للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان ذيل قميصه وإزاره إلى أنصاف السَّاقين، لم يتجاوز الكعبين (١) فيؤذي الماشي ويؤوده، ويجعله كالمقيَّد، ولم يقصُر عن عضلة ساقه (٢) فتنكشف (٣)، وتتأذَّى بالحرِّ والبرد.

ولم تكن عمامته بالكبيرة الَّتي يؤذي الرَّأسَ حملُها ويُضْعِفُه، ويجعله عرضةً للضَّعف والآفات، كما يشاهَد من حال أصحابها؛ ولا بالصَّغيرة الَّتي تقصُر عن وقاية الرَّأس من الحرِّ والبرد، بل وسطًا بين ذلك. وكان يُدخِلها تحت حَنَكه (٤). وفي ذلك فوائد عديدة. فإنَّها تقي العنقَ الحرَّ والبردَ. وهو أثبت لها ولا سيَّما عند ركوب الخيل والإبل، والكرِّ والفرِّ. وكثيرٌ من النَّاس اتَّخذ الكلاليب عوضًا عن الحَنك، ويا بُعدَ ما بينهما في النَّفع والزِّينة! وأنت


(١) أخرج التِّرمذيُّ في «الشَّمائل» (١١٤)، وابن أبي شيبة (٣٨٠٠٧)، والرُّوياني (١١٥٥)، وأبو الشَّيخ في «أخلاق النَّبيِّ» (٢٦٩)، عن سلمة بن الأكوع قال: «كان عثمان بن عفَّان يأتزر إلى أنصاف ساقَيه، وقال: هكذا كانت إزرة صاحبي ــ يعني النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ــ»، وفي إسناده موسى بن عُبيدة وهو ضعيف. وأخرج التِّرمذيُّ في «الشَّمائل» (١١٣)، والنَّسائيُّ في «الكبرى» (٩٦٠٢ - ٩٦٠٤)، وأحمد (٢٣٠٨٦)، وأبو الشَّيخ في «أخلاق النَّبي» (٢٧٠، ٢٧١)، من طريق الأشعث بن سليم، عن عمَّته، عن عمِّها أنَّه رأى إزار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسفل إلى نصف السَّاق، وعمَّةُ الأشعث لا تُعرف. وأخرج أبو الشَّيخ في «أخلاق النَّبيِّ» (٢٧٣) عن أبي العالية مرسلًا: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إزاره إلى نصف ساقيه.
(٢) س، ث، ل: «ساقيه».
(٣) «فتنكشف» ساقط من س.
(٤) لم أقف على فعل النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لذلك. ورُوي عنه النَّهيُ عن الاقتِعاط والأمرُ بالتَّلحِّي. والاقتعاط: أن لا يجعَلَ تحت الحنك من العمامة شيئًا، والتلحِّي: جعلُ بعضِ العمامة تحت الحنك. انظر: «غريب الحديث» لأبي عبيد (٢/ ٥٣٧).