للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكلِّ عضوٍ رياضةٌ تخصُّه. فللصَّدر القراءة، فَلْيُبتدأ (١) فيها من الخُفْية إلى الجهر بتدريجٍ. ورياضة السَّمع بسمع الأصوات والكلام بالتَّدريج، فينتقل (٢) من الأخفِّ إلى الأثقل. وكذلك رياضة البصر (٣). وكذلك رياضة اللِّسان في الكلام (٤). وكذلك رياضة المشي بالتَّدريج شيئًا فشيئًا. وأمَّا ركوبُ الخيل ورميُ النُّشَّاب والصِّراعُ والمسابقةُ على الأقدام، فرياضةٌ للبدن كلِّه. وهي قالعةٌ لأمراضٍ مزمنةٍ كالجذام والاستسقاء والقُولَنج (٥).

ورياضةُ النُّفوس بالتَّعلُّم والتَّأدُّب، والفرح والسُّرور، والصَّبر والثَّبات والإقدام، والسَّماحة وفعل الخير، ونحو ذلك ممَّا ترتاض به النُّفوس. ومن أعظم رياضتها: الصَّبرُ، والحبُّ، والشَّجاعة، والإحسان. فلا تزال ترتاض (٦) بذلك شيئًا فشيئًا حتَّى تصير لها هذه (٧) الصِّفاتُ هيئاتٍ راسخةً وملكاتٍ ثابتةً.

وأنت إذا تأمَّلت هديه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك وجدتَه أكملَ هديٍ حافظٍ للصِّحَّة والقوى، ونافعٍ في المعاش والمعاد.


(١) كذا في الأصل (ف) مضبوطًا بضم الياء، ورسمه في النسخ كلها بالألف المقصورة. وفي س: «فلنبتدي».
(٢) ز، د: «فلينتقل».
(٣) الجملة «وكذلك رياضة البصر» مؤخرة على الجملة الآتية في النسخ المطبوعة.
(٤) يلوح في الأصل أثر كلمة أخرى أيضًا قبل «الكلام»، ولكن الأرضة أكلت بعض هذه وهذه. أما النسخ الأخرى ففيها كما أثبت، وكذا في «الآداب الشرعية» (٢/ ٣٩٠).
(٥) القولَنج: وجع في المِعى الغليظ المسمَّى بـ «قُولُن» أو «قولون».
(٦) ف، ب: «يزال يرتاض».
(٧) س، ث، ل: «تصير لهذه»، وفي ن: «بهذه». وفي ف أيضًا: «لهذه»، ولكن أخشى أن تكون اللام مما زاده بعضهم.