للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال جالينوس: الغالب على جوهر المنيِّ النَّار والهواء، ومزاجه حارٌّ رطبٌ لأنَّ كونه من الدَّم الصَّافي الذي تغتذي (١) به الأعضاء الأصليَّة. وإذا ثبت فضل المنيِّ فاعلم أنَّه لا ينبغي إخراجه إلا في طلب النَّسل أو إخراج المحتقَن منه، فإنَّه إذا دام احتقانه أحدث أمراضًا رديَّة منها: الوسواس والجنون والصَّرع وغير ذلك. وقد يبرئ استعماله من هذه الأمراض كثيرًا، فإنَّه إذا طال احتباسه فسد واستحال إلى كيفيَّةٍ سمِّيَّةٍ تُوجب أمراضًا رديَّةً، كما ذكرنا. ولذلك تدفعه الطَّبيعة (٢) إذا كثر عندها من غير جماعٍ.

وقال بعض السَّلف (٣): ينبغي للرَّجل أن يتعاهد من نفسه ثلاثًا: أن لا يدع المشيَ فإن احتاج إليه يومًا قدَر عليه. وينبغي أن لا يدع الأكل فإنَّ أمعاءه تضيق. وينبغي أن لا يدع الجماع فإنَّ البئر إذا لم تُنزَح ذهب ماؤها.

وقال محمَّد بن زكريَّا (٤): من ترك الجماع مدَّةً طويلةً ضعفت قوى أعضائه (٥)، واستدَّ (٦) مجاريها، وتقلَّص ذكره. قال: ورأيت جماعةً تركوه


(١) أهمل حرف المضارع في ف، ل. وفي د: «يغتذي». وفي س: «يتغذَّى».
(٢) زاد الشيخ الفقي بعده من عنده: «بالاحتلام»، وتابعته نشرة الرسالة دون أصلها.
(٣) هو عبد الله بن بريدة. في كتاب الحموي (ص ٣٥٢): «روي عن الحسين بن واقد عن ابن بريدة». وقد أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٢٧/ ١٣٩).
(٤) الرازي في كتابه «الحاوي» (٣/ ٣٧٦).
(٥) في الأصل (ف): «أعصابه». والمثبت من النسخ الأخرى موافق لما في كتاب الحموي (ص ٣٥٢) ومصدره «الحاوي».
(٦) حط: «وانسدَّ». وأثبت الفقي ومن تبعه: «وانسدَّت»، وكذا في مطبوعة «الحاوي».