للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والسَّمكُ البحريُّ فاضل محمود لطيف. والطَّريُّ منه بارد رطب عسر الانهضام، يولِّد بلغمًا كثيرًا إلا البحريَّ وما يجري مجراه فإنَّه يولِّد خِلْطًا محمودًا. وهو يُخصب البدن، ويزيد في المنيِّ، ويصلح الأمزاج (١) الحارَّة.

فأمَّا المالح، فأجوده ما كان قريب العهد بالتَّملُّح. وهو حارٌّ يابسٌ، وكلَّما تقادم عهده ازداد حرُّه ويبسُه. والسِّلَّور منه كثير اللُّزوجة، ويسمَّى الجِرِّيَّ واليهود لا تأكله. وإذا أُكِل طريًّا كان مليِّنًا للبطن. وإذا مُلِّح وعتِّق وأُكِل صفَّى قصبةَ الرِّئة، وجوَّد الصَّوتَ. وإذا دُقَّ ووُضِع من خارجٍ أخرجَ السُّلَّاءَ والنُّصول (٢)

من عمق البدن، من طريق أنَّ له قوَّةً جاذبةً.


(١) غيَّره الفقي إلى «الأمزجة»، وكذا في طبعة الرسالة.
(٢) في جميع النسخ الخطية والمطبوعة: «السلا والفضول»، وكذا في كتاب الحموي مخطوطه ومطبوعه و «الآداب الشرعية» (٣/ ١٥٣). وأثبتت طبعة الرسالة: «السَّلَى»، وفسَّرته بمعنى الجلد الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفًا فيه. وقد سبق أن أثبتها وفسَّرها كذا الشيخ عبد الغني عبد الخالق في نشرته للطب النبوي، وقال في تعليقه: «في الأصل والزاد: السلا، والظاهر أنه مصحف عنه أو رسم آخر له (كالضحى)، لا محرَّف عن السلاء بالمد وتشديد اللام: شوك النخل، فتأمل ... ». قلت: أما «السَّلَى» بمعنى المشيمة فرسمه في المصادر بالياء والألف جميعًا، ومن هنا حصل اللبس. وما أنكره هو الصواب هنا. فالسُّلَّاء: شوك النخل. ولا تحريف فيه في النسخ. والكلمة الثانية هي التي تصحفت، والصواب ما أثبت، وهو جمع النَّصْل. نقل ابن البيطار (١/ ١٦١) عن ابن ماسه أن الجرّي «إذا جفِّف لحمه ودُقَّ وتضمد به استخرج النصول والزجاج من الأبدان، وله جذب شديد». وقال جالينوس: «قوته قوة جاذبة. وإذا قُدِّد ودُقَّ ووضع من خارج أخرج السُّلَّاءَ». وانظر فيه قول ديسقوريدوس أيضًا. وانظر: «الحاوي» (٦/ ٢٢٠، ٢٢٣) .. وأشياء أخرى من النبات وغيره تمتاز بهذه الخاصية. فذكروا أن الموم الأسود فيه جذب من العمق شديد، فيجذب السلاء والشوك. انظر: «القانون» (١/ ٥٦٢). وفي «الحاوي» (٦/ ٢٩٨) أن أصل القصب المعروف إذا تضمد به وحده أو مع السرخس جذب من اللحم أزِجَّةَ النُّشَّاب وشظايا الخشب والقصب والسُّلَّاء». والأزجَّة جمع الزُّجِّ وهو الحديدة في أسفل الرمح. وانظر: «الحاوي» (٦/ ٥٩، ١٣٣، ٢٦٠، ٢٨٤، ٢٩٩، ٣٧٣) و «القانون» (١/ ٤٥٥، ٥٠٨).