للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شأن أبي قحافة، لمَّا أُتي به، ورأسُه ولحيتُه كالثَّغامة بياضًا، فقال: «غيِّروا هذا بشيءٍ (١)، وجنِّبوه السَّواد». والكتَمُ يسوِّد الشَّعر (٢).

فالجواب من وجهين:

أحدهما: أنَّ النَّهي عن التَّسويد البحت. فأمَّا إذا أضيف إلى الحنَّاء شيءٌ آخر كالكتَم ونحوه، فلا بأس به؛ فإنَّ الكتم والحنَّاء يجعل الشَّعر بين الأحمر والأسود، بخلاف الوَسِمة فإنَّها تجعله أسود فاحمًا. وهذا أصحُّ الجوابين.

الجواب الثَّاني: أنَّ الخضاب بالسَّواد المنهيِّ عنه خضاب التَّدليس كخضاب (٣) شَعْر الجارية والمرأة الكبيرة تغرُّ الزَّوجَ والسَّيِّدَ بذلك، وخضابِ الشَّيخ يغرُّ المرأةَ بذلك؛ فإنَّه من الغشِّ والخداع. فأمَّا إذا لم يتضمَّن تدليسًا ولا خداعًا فقد صحَّ أن الحسن والحسين (٤) كانا يخضبان بالسَّواد. ذكر ذلك ابن جريرٍ عنهما في كتاب «تهذيب الآثار» (٥). وذكره عن


(١) ل: «الشيب»، وكذا في طبعة عبد اللطيف وما بعدها.
(٢) هذا الإيراد مع جوابه إلى آخر الفصل لم يرد منه في كتاب الحموي إلا ذكر خضاب الحسن والحسين من «تهذيب الآثار»، وخضاب السلف عمومًا عن ابن الجوزي.
(٣) س، ل: «فخضاب».
(٤) في النسخ المطبوعة: «صحَّ عن الحسن والحسين أنهما».
(٥) «تهذيب الآثار» (٨٣٧ - ٨٤٢، ٨٤٧ ــ مسند باقي العشرة). وأخرجه أيضًا معمر في «الجامع» (٢٠١٨٤، ٢٠١٩٠)، وابن أبي شيبة (٢٥٥٢٠)، وابن أبي الدُّنيا في «العمر والشَّيب» (٩)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٤١١، ٤١٢)، والطَّبراني في «الكبير» (٣/ ٢١ - ٢٢، ٩٨ - ١٠٠). وخضاب الحسين - رضي الله عنهما - بالوسمة أخرجه البخاريُّ (٣٧٤٨).