للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى الإمام أحمد في «مسنده» (١): من حديث بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جدِّه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنتم توفون سبعين أمَّةً، أنتم خيرها وأكرمها على اللَّه». فظهر أثر كرامتها على الله في علومهم وعقولهم وأحلامهم (٢) وفِطَرهم. وهم الذين عرضت عليهم علومُ الأمم قبلهم وعقولهم وأعمالهم ودرجاتهم، فازدادوا بذلك علمًا وحلمًا وعقولًا، إلى ما أفاض الله سبحانه عليهم من علمه وحلمه.

ولذلك كانت الطَّبيعة الدَّمويَّة لهم، والصَّفراويَّة لليهود، والبلغميَّة للنَّصارى. ولذلك غلب على النَّصارى البلادة وقلَّة الفهم والفطنة، وغلب على اليهود الحزن والهمُّ والغمُّ والصُّفار (٣)، وغلب على المسلمين العقل والفهم والشَّجاعة والنَّجدة والفرح والسُّرور.

وهذه أسرارٌ وحقائق إنَّما يعرف مقدارها مَن حسُن فهمه، ولطُف ذهنه، وغزُر علمه، وعرف ما عند النَّاس. وباللَّه التَّوفيق.

* * *


(١) برقم (٢٠٠٢٩). وأخرجه أيضًا التِّرمذي (٣٠٠١)، وابن ماجه (٤٢٨٧، ٤٢٨٨). قال التِّرمذي: «حديث حسن»، وحسَّنه ابن تيميَّة في «الجواب الصَّحيح» (٢/ ٢٣٢)، وابن مفلح في «الآداب الشَّرعيَّة» (٣/ ١٤٠). وصحَّحه الحاكم (٤/ ٨٤)، والمصنِّف في «مفتاح دار السَّعادة» (٣/ ١٤٦٢)، والبوصيري في «إتحاف الخيرة» (٧/ ٣٥١)، وابن حجر في «الفتح» (٨/ ٢٢٥).
(٢) د: «أخلاقهم»، تصحيف.
(٣) وهو الصفرة تعلو الوجه من شحوب أو مرض. وفي النسخ المطبوعة: «الصغار» بالغين.