للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخاه، فاعترف، فقال: «دونك صاحبَك»، فلمَّا ولَّى قال: «إن قتَلَه فهو مثله»، فرجع فقال: إنَّما أخذتُه بأمرك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أما تريد أن يبوء بإثمِك وإثمِ صاحبك؟» قال: بلى، فخلَّى سبيله.

وفي قوله: «فهو مثله» قولان:

أحدهما: أنَّ القاتل إذا أُقِيد (١) منه سقط ما عليه، فصار هو والمستقيد بمنزلةٍ واحدةٍ، وهو لم يقل: إنَّه بمنزلته قبل القتل، وإنَّما قال: «إن قتله فهو مثله»، وهذا يقتضي المماثلة بعد قتله، فلا إشكال في الحديث، وإنَّما فيه التَّعريض [لصاحب] الحقِّ (٢) بترك القَوَد والعفو.

والثَّاني: أنَّه إن كان لم يُرِد قتلَ أخيه فقتله به، فهو متعدٍّ مثله إذ (٣) كان القاتل متعدِّيًا بالجناية، والمقتصُّ متَّعديًا (٤) بقتل من لم يتعمَّد القتل، ويدلُّ على هذا التَّأويل ما روى الإمام أحمد في «مسنده» (٥): من حديث أبي هريرة قال: قُتِل رجلٌ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرُفِع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدفعه إلى وليِّ المقتول، فقال القاتل: يا رسول اللَّه! ما أردتُ قتلَه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) ث، ب، ن: «قِيد».
(٢) ما بين المعكوفين من المطبوع، وفي ن: «التعريضُ الحق بين»، وط الهندية: «التعريض والحق».
(٣) ب: «فهو متعمد قتله إن ... ». ز، س: «إذا كان».
(٤) د والمطبوع: «متعدٍّ».
(٥) لم أجده فيه، لكن أخرجه ابن أبي شيبة (٢٨٥٧٧)، وأبو داود (٤٤٩٨)، والترمذي (١٤٠٧)، والنسائي (٤٧٢٢)، وابن ماجه (٢٦٩)، من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. قال الترمذي: «حسن صحيح».