للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأُراه قال: كما أنَّ عليهم الدِّية هكذا يفرَّق فيهم، يعني: إذا ظُلم قومٌ منهم (١) ولم يُعرفوا، فهذا عمر بن الخطَّاب قد قضى بموجَب هذا الحديث، وجَعَل الدِّية على أهل المكان الذي وُجد فيه القتيل، واحتجَّ به أحمد، وجَعَل هذا أصلًا في تفريق المال الذي ظُلم فيه أهلُ ذلك المكان عليهم إذا لم يُعرفوا بأعيانهم.

وأمَّا الأثر الآخر، فمرسلٌ لا تقوم بمثله حجَّةٌ، ولو صحَّ تعيَّن القول بمثله (٢)، ولم تجُز مخالفته، ولا يخالف باب الدَّعاوى ولا باب القَسامة، فإنَّه ليس فيهم لَوْثٌ ظاهرٌ يوجب تقديم المدَّعين (٣)، فيقدَّم (٤) المدَّعى عليهم في اليمين، فإذا نكلوا قويَ جانبُ المدَّعِين من وجهين، أحدهما: وجود القتيل بين ظهرانيهم. والثَّاني: نكولهم عن براءة ساحتهم باليمين، وهذا يقوم مقام اللَّوْث الظَّاهر، فيحلف المدَّعون ويستحقُّون، فإذا نكل الفريقان كلاهما، أورث ذلك شبهةً مركَّبةً من نكول كلِّ واحدٍ منهما، فلم ينهض ذلك سببًا لإيجاب كمال الدِّية عليهم إذا لم يحلف غُرماؤهم، ولا


(١) ب: «بينهم».
(٢) س، د، ب، ث: «به».
(٣) د، ب: «المدعيين».
(٤) د، وط الهندية: «فتقدم».