للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقوامًا (١) يلبسون الصوف يقولون: قد لبسه عيسى ابن مريم. وقد حدثني من لا أتهم أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد لبس الكتَّان، والصوف، والقطن؛ وسنَّةُ نبيِّنا أحق أن تُتَّبَع.

ومقصود ابن سيرين بهذا أن أقوامًا يرون أن لبس الصوف دائمًا أفضل من غيره، فيتحرَّونه، ويمنعون أنفسهم من غيره. وكذلك يتحرَّون زيًّا واحدًا من الملابس، ويتحرَّون رسومًا وأوضاعًا وهيئاتٍ يرون الخروج عنها منكرًا؛ وليس المنكر إلا التقيُّد بها، والمحافظة عليها، وترك الخروج عنها.

والصواب: أن أفضل الطرق طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي سنَّها، وأمَر بها، ورغَّب فيها، وداوم عليها. وهي أنَّ هديه في اللباس أن يلبس ما تيسَّر من اللباس من الصوف تارةً، والقطن تارةً، والكتَّان تارةً.

ولبِس البرود اليمانية، والبرد الأخضر. ولبِس الجبة والقبَاء، والقميص والسراويل، والإزار والرداء، والخفَّ والنعل. وأرخى الذؤابة من خلفه تارةً، وتركها تارةً. وكان يتلحَّى بالعمامة تحت الحنَك.

وكان إذا استجدَّ ثوبًا سمَّاه باسمه، وقال: «اللهمَّ أنتَ كسوتني هذا القميصَ أو الرداء أو العمامة، أسألك خيرَه وخيرَ ما صُنِع له، وأعوذ بك من شرِّه وشرِّ ما صُنِع له» (٢).


(١) ق، مب: «أن أقوامًا».
(٢) أخرجه أحمد (١١٢٤٨، ١١٤٦٩) وأبو داود (٤٠٢٠) والترمذي (١٧٦٧) والنسائي في «الكبرى» (١٠٠٦٨) وغيرهم من حديث أبي سعيد الخدري، وفيه سعيد بن إياس الجريري، مختلط؛ كل من روى عنه هذا الحديث مسندًا سمع منه بعد الاختلاط. وكل من رواه عنه قبل الاختلاط رواه مرسلًا. يُنظر: «مصنف ابن أبي شيبة» (٣٠٣٧٨) و «سنن أبي داود» عقب (٤٠٢٠) و «السنن الكبرى» للنسائي (١٠٠٦٩). وانظر أيضًا: «طبقات ابن سعد» (٩/ ٢٦٠) وتعليق محقق «مصنف ابن أبي شيبة» (٣٠٣٧٨، ٢٩٩٦٨) طبعة دار القبلة.