للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديثَ ممَّن سمع.

وطائفةٌ أخرى قبلت الحديثَ، ثمَّ اختلفوا فيه، فقالت طائفةٌ (١): هو منسوخٌ، وكان هذا قبل نزول الحدود.

وقالت طائفةٌ: بل وجهه أنَّه إذا استكرهها، فقد أفسدها على سيِّدتها، ولم تبق ممَّن تصلح لها، وألحق (٢) بها العار، وهذا مُثْلةٌ معنويَّةٌ، فهي كالمثلة الحسِّيَّة أو أبلغ منها، وهو قد تضمَّن أمرين: إتلافها على سيِّدتها، والمُثْلة المعنويَّة بها، فيلزمه غرامتها لسيِّدتها، وتَعتِق عليه، وأمَّا إن طاوعته، فقد أفسدها على سيِّدتها، فيلزمه قيمتُها لها، ويملكها لأنَّ القيمة قد استحقَّت عليه، وبمطاوعتها وإرادتها خرجت عن شُبهة المُثْلة. قالوا: ولا بُعْد في تنزيل الإتلاف المعنويِّ منزلةَ الإتلاف الحسِّيِّ، إذ كلاهما يحول (٣) بين المالك وبين الانتفاع بملكه، ولا ريبَ أنَّ جاريةَ الزَّوجة إذا صارت موطوءةً لزوجها، فإنَّها لا تبقى لسيِّدتها كما كانت قبل الوطء، فهذا الحكم من أحسن الأحكام، وهو موافقٌ لقياس الأصول (٤).

وبالجملة: فالقول به مبنيٌّ على قبول الحديث، ولا تضرُّ كثرة المخالفين له، ولو كانوا أضعاف أضعافهم، وبالله التوفيق (٥).


(١) ب: «فقال بعضهم». ونقله الخطابي عن الأشعث صاحب الحسن.
(٢) في المطبوع: «ولحق».
(٣) ب: «مما يحول».
(٤) في المطبوع: «للقياس الأصولي» خلاف النسخ.
(٥) «وبالله التوفيق» ليست في ب والمطبوع.