للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو بكرٍ الصِّدِّيق لأبي بَرْزة الأسلميِّ، وقد أراد قَتْل مَن سبَّه: ليست هذه لأحدٍ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

فهذا قضاؤه - صلى الله عليه وسلم - وقضاء خلفائه من بعده، ولا مخالف لهم من الصَّحابة، وقد أعاذهم الله من مخالفة هذا الحكم.

وقد روى أبو داود في «سننه» (٢) عن عليّ: «أنَّ يهوديَّةً كانت تشتمُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وتقع فيه، فخنقها رجلٌ حتَّى ماتت، فأبطَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - دمَها».

وذكر أصحابُ السِّير والمغازي (٣) عن ابن عبَّاسٍ قال: هجت امرأةٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «مَن لي بها؟» فقال رجلٌ مِن قومها: أنا، فنهض فقتلها، فأُخبر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لا ينتطح فيها عنزان» (٤).


(١) أخرجه أبو داود (٤٣٦٣)، والنسائي (٤٠٧١، ٤٠٧٦) من طرق عن أبي برزة، وصحح الحاكم إسنادَه: (٤/ ٣٥٤). ينظر «التنقيح»: (٤/ ٦٢١).
والضمير في (سبَّه) عائد على أبي بكر - رضي الله عنه -.
(٢) (٤٣٦٢) من طريق الشعبي عن علي - رضي الله عنه -، وفي سماعه منه خلاف والراجح أنه لقيه وسمع منه في الجملة، وجاء الحديث عن الشعبي مرسلًا عند ابن أبي شيبة (٣٧٤٣٢)، ومرسل الشعبي حجة عند جماعة من أهل العلم؛ كابن المديني والعجلي، وله شاهد من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - الآتي؛ وجوّد الحديثَ شيخُ الإسلام ابن تيمية في «الصارم»: (١/ ٦٥).
(٣) ينظر «مغازي الواقدي»: (١/ ١٧٣)، و «السيرة لابن هشام»: (٢/ ٦٣٧).
(٤) أخرجه ابن عدي في «الكامل»: (٧/ ٣٢٦)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (٨٥٦)، من طريق محمد بن الحجاج اللخمي عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس، ومحمد بن الحجاج كذاب، قال ابن عدي: «هذا مما يتهم بوضعه محمد بن الحجاج». ينظر: «ذخيرة الحفاظ» (٥٩٩٠)، و «الضعيفة» (٦٠١٣).