للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صلى الله عليه وسلم -، فقال ابن عمر: لو سمعتُه لقتلتُه، إنَّا لم نُعْطِهم الذِّمَّة على أن يسبُّوا نبيَّنا.

والآثار عن الصَّحابة بذلك كثيرةٌ، وحكى غير واحدٍ من الأئمَّة الإجماعَ على قتله (١). قال شيخنا (٢): وهو محمولٌ على إجماع الصَّدر الأوَّل من الصَّحابة والتَّابعين. والمقصود: إنَّما هو ذِكْر حكم النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وقضائه فيمن سبَّه.

وأمَّا تَرْكه - صلى الله عليه وسلم - قَتْل مَن قَدَح في عَدْله بقوله: اعدل فإنَّك لم تعدل (٣)، وفي حُكْمه بقوله: أنْ كان ابنَ عمَّتك (٤)، وفي قَصْده بقوله: إنَّ هذه قسمةٌ ما أريد بها وجه الله (٥)، وفي خَلْوته بقوله: يقولون إنَّك تنهى عن الغيِّ وتستخلي به (٦)، وغير ذلك= فذلك أنَّ الحقَّ له، فله أن يستوفيه وله أن يتركه، وليس


(١) ذكر طائفة منهم شيخ الإسلام ابن تيمية في «الصارم المسلول»: (٢/ ١٣ - ١٩).
(٢) في «الصارم»: (٢/ ١٤).
(٣) عند البخاري (٣١٣٨)، ومسلم (١٠٦٣) من حديث جابر- رضي الله عنه -، في قصة قَسْم غنائم حنين، كما أخرجه البخاري (٣٦١٠، ٦١٦٣) ومسلم (١٠٦٤) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، في قصة ذي الخويصرة.
(٤) أخرجه البخاري (٢٣٥٩)، ومسلم (٢٣٥٧) من حديث عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما -، في قصة مخاصمة الزبير مع بعض الأنصار في شراج الحرة.
(٥) عند البخاري (٣١٥٠)، ومسلم (١٠٦٢)، من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - , ورجح الحافظ كون القائل مُعتِّب بن قُشير. ينظر «الفتح»: (٨/ ٥٦).
(٦) أخرجه أحمد في «المسند» (٢٠٠١٧)، وأبو داود (٣٦٣١)؛ غير أنه أبهم هذه اللفظة فقال: «ثم ذكر شيئًا»، كما أخرجه الترمذي (١٤١٧)، والنسائي (٤٨٧٥) مختصرًا، كلهم من طريق بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده: أن أخاه قام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: جيراني بم أخذوا؟ فأعرض عنه، ثم قال: جيراني بم أخذوا؟ فأعرض عنه، فقال: لئن قلت ذاك، إن الناس ليزعمون أنك تنهى عن الغي وتستخلي به، فقال: «ما قال؟» فقام أخوه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنه ليكفُّه عنه»، فقال: «أما لقد قلتموها، أو قائلها منكم، لئن كنت أفعل ذاك إنه لعليَّ وما هو عليكم، خَلّوا له عن جيرانه». قال الترمذي: «وفي الباب عن أبي هريرة. حديث بهز، عن أبيه، عن جده، حديث حسن». قال ابن تيمية في «الصارم»: (٢/ ٤٣٤): بإسناد صحيح، وينظر: «الإرواء» (٢٣٩٧).