للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يؤخذ شيءٌ ممَّا جعله الله لهم (١) بالاحتمال.

وأيضًا فلو كانت هذه الآية إنَّما هي في غير الأسلاب لم يؤخِّر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حكمَها إلى يوم حنينٍ، وقد نزلت في قصَّة بدرٍ.

وأيضًا فإنه إنَّما قال: «من قَتَل قتيلًا فله سَلَبه» (٢) بعد أن برد القتال، ولو كان أمرًا متقدِّمًا لعَلِمَه أبو قتادة فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأحد أكابر أصحابه (٣)، وهو لم يطلبه حتَّى سمع منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك.

قالوا: وأيضًا فالنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أعطاه إيَّاه بشهادة واحدٍ بلا يمينٍ، فلو كان من رأس الغنيمة لم يخرج حقُّ مغنمٍ إلا بما تخرج به الأملاك من البيِّنات، أو شاهدٍ ويمينٍ.

قالوا: وأيضًا فلو وجب للقاتل ولم يجد بيِّنةً لكان يوقَف كاللُّقَطَة ولا يُقسَم، وهو إذا لم تكن بيِّنةٌ يُقسَم، فخرج من معنى الملك، ودلَّ على أنَّه إلى اجتهاد الإمام يجعله من الخمس الذي يُجعَل في غيره. هذا مجموع ما احْتُجَّ به لهذا القول.

قال الآخرون: قد قال ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفعَلَه قبل حُنينٍ بستَّةِ أعوامٍ، فذكر البخاريُّ في «صحيحه» (٤): أنَّ معاذ بن عَمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء الأنصاريَّين ضربا أبا جهل بن هشام يوم بدرٍ بسيفيهما حتَّى قتلاه، فانصرفا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبراه، فقال: أيُّكما قتلَه؟ فقال كلٌّ واحدٍ منهما:


(١) س، ث، ي: «جعله لهم».
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) ث، ن: «الصحابة».
(٤) (٣١٤١ و ٣٩٨٨)، ومسلم (١٧٥٢) من حديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - .