للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] فهذا عامٌّ والحُكْم بالسَّلَب للقاتل خاصٌّ، ويجوز تخصيص عموم الكتاب بالسُّنَّة، ونظائره معلومةٌ ولا يمكن دفعُها.

وقوله: «لا يُجعَل شيءٌ من الغنيمة لغير أهلها بالاحتمال»، جوابه من وجهين، أحدهما: أنَّا لم نجعل السَّلَب لغير الغانمين. الثَّاني: أنّا إنَّما جعلناه للقاتل بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا بالاحتمال، ولم يؤخِّر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حكم الآية إلى يوم حنينٍ كما ذكرتم، بل قد حَكَم بذلك يوم بدرٍ، ولا يمنع كونه قاله بعد القتال من استحقاقه بالقتل.

وأمَّا كون أبي قتادة لم يطلبه حتَّى سمع منادي النَّبيِّ (١) - صلى الله عليه وسلم - يقوله، فلا يدلُّ على أنَّه لم يكن متقرِّرًا معلومًا، وإنَّما سكت عنه أبو قتادة لأنَّه لم يكن يأخذه بمجرَّد (٢) دعواه، فلمَّا شهد له به شاهدٌ أعطيه (٣).

والصَّحيح أنَّه يُكتفى في هذا بالشَّاهد الواحد ولا يُحْتاج إلى شاهدٍ آخر ولا يمينٍ، كما جاءت به السُّنَّة الصَّحيحة الصَّريحة التي لا معارض لها، وقد تقدَّم هذا في موضعه (٤).

وأمَّا قوله: «إنَّه لو كان للقاتل لوُقِفَ ولم يقسَّم كاللُّقطة»، فجوابه أنَّه للغانمين وإنَّما للقاتل حقُّ التَّقديم، فإذا لم يُعلَم عينُ القاتل اشترك فيه الغانمون، فإنَّه حقُّهم ولم يظهر مستحقُّ التَّقديم منهم فاشتركوا فيه، والله أعلم.


(١) ز، د، ب، ي: «رسول الله».
(٢) ز، ن، د: «لمجرّد».
(٣) في المطبوع: «أعطاه» خلاف النسخ.
(٤) ينظر (٣/ ٦١٢ - ٦١٣).