للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصحَّ عنه: أنَّ المهاجرين طلبوا منه دورَهم يوم الفتح بمكَّة، فلم يردَّ على أحدٍ داره. وقيل له: أين تنزل غدًا من دارك بمكَّة؟ فقال: «وهل ترك لنا عَقيلٌ منزلًا» (١)، وذلك أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا هاجر إلى المدينة وثَبَ عَقيل على رِباع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٢) فحازها كلَّها، وحوى عليها، ثمَّ أسلم وهي في يده، وقضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ من أسلم على شيءٍ فهو له.

وكان عقيلٌ ورث أبا طالب، ولم يرثه عليٌّ لتقدُّم إسلامه على موت أبيه، ولم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميراثٌ من عبد المطلب، فإنَّ أباه عبد الله هلك (٣) وأبوه عبد المطلب حيٌّ، ثمَّ هلك عبد المطلب فورثه أولاده، وهم أعمام النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهلك أكثر أولاده ولم يعقبوا، فحاز أبو طالب رِباعه ثمَّ مات، فاستولى عليها عقيل دون عليٍّ لاختلاف الدِّين، ثمَّ هاجر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فاستولى عَقيلٌ على داره؛ فلذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «وهل ترك لنا عقيلٌ منزلًا».

وكان المشركون يَعْمِدون إلى من هاجر من المسلمين ولحق بالمدينة فيستولون على داره وعقاره، فمضت السُّنَّة أنَّ الكفَّار المحاربين إذا أسلموا لم يضمنوا ما أتلفوه على المسلمين من نفسٍ أو مالٍ، ولم يردُّوا عليهم أموالَهم التي غصبوهم عليها (٤)، بل من أسلم على شيءٍ فهو له. هذا حكمه وقضاؤه - صلى الله عليه وسلم -.


(١) أخرجه البخاري (٣٠٥٨)، ومسلم (١٣٥١) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -. ووقع في ن: «عقيل من منزل».
(٢) بعده في المطبوع: «بمكة» خلاف النسخ.
(٣) غُيرت في ط الفقي والرسالة إلى: «مات» خلاف الأصول. وكذا وقع في الموضعين الآتيين.
(٤) في المطبوع: «غصبوها عليهم».