للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدينة، والإمام أحمد، وجمهور الفقهاء (١).

ووجوبَ المهر المسمَّى في النِّكاح الفاسد، وهذا هو الصَّحيح من الأقوال الثَّلاثة. والثَّاني: يجب مهر المثل، وهو قول الشَّافعيِّ. والثَّالث: يجب أقلُّ الأمرين (٢).

وتضمَّنت: وجوبَ الحدِّ بالحَبَل وإن لم تقم بيِّنةٌ ولا اعترافٌ، والحَبَل من أقوى البيِّنات، وهذا مذهب عمر بن الخطَّاب، وأهلِ المدينة، وأحمد في إحدى الرِّوايتين عنه (٣).

وأمَّا حكمه بكون الولد عبدًا للزَّوج، فقد قيل: إنَّه لمَّا كان ولد زنًا لا أبَ له، وقد غرَّته من نفسها، وغَرِم صداقها أخْدَمَه ولدَها، وجعلَه له بمنزلة العبد لا أنَّه أرقَّه، فإنَّه انعقد حرًّا تبعًا لحرِّيَّة أمِّه، وهذا محتملٌ. ويحتمل أن يكون أرقَّه عقوبةً لأمِّه على زناها وغرورها للزَّوج، ويكون هذا خاصًّا بالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبذلك الولد، لا يتعدَّى الحكم إلى غيره.

ويحتمل أن يكون هذا منسوخًا. وقد قيل: إنَّه كان في أوَّل الإسلام يُسترقُّ الحرُّ في الدَّين، وعليه حُمِل بيعُه - صلى الله عليه وسلم - لسُرَّقٍ في دَينه (٤). والله أعلم.


(١) ينظر «المغني»: (٩/ ٥٦١، ٥٦٢)، و «المبدع»: (٧/ ٦٢).
(٢) ينظر «المغني»: (٨/ ٣٨٦)، و «الأم»: (٦/ ٤٤)، و «المبسوط»: (٦/ ١١٥)، و «الفروع»: (٥/ ٢٩٥)، و «المبدع»: (٧/ ١٧٢).
(٣) ينظر «التمهيد»: (٢٣/ ٩٧)، و «المغني»: (١٢/ ٣٧٧)، و «تهذيب السنن»: (١/ ٤٥٤).
(٤) وذلك في قصةٍ حاصلُها: أن رجلًا قدِم المدينة، وكان يشتري من الناس مداينةً، وليس له مال يقضي, فاستهلك أموالهم، فشَكَوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: «أنت سُرَّق»، وأباح لهم بيعَه، ثم عفَوا عنه. أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار»: (٥/ ١٣٢)، والدارقطني (٣٠٢٧)، من حديث زيد بن أسلم عن سُرَّق، وفي سنده مقال، وصححه الحاكم: (٢/ ٦٢)، وضعفه البيهقي في «الكبرى»: (٦/ ٥٠)، وحسنه بطرقه وشواهده الألباني في «الإرواء» (١٤٤٠). ومن شواهده: حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - عند الدارقطني وغيره: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - باع حرًا أفلس في دَينه»، صححه الحافظ المزي كما نقله في «التنقيح»: (٣/ ١٩٩).