للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالَّذي يقتضيه حكمُه - صلى الله عليه وسلم - اعتبار الدِّين في الكفاءة أصلًا وكمالًا، فلا تزوَّج مسلمةٌ بكافرٍ، ولا عفيفةٌ بفاجرٍ، ولم يعتبر القرآنُ والسُّنَّةُ في الكفاءة أمرًا وراء ذلك، فإنَّه حرَّم على المسلمة نكاح الزَّاني الخبيث، ولم يعتبر نسبًا ولا صناعةً ولا غنًى ولا حرِّيَّةً، فجوَّز للعبد القنِّ نكاح الحرَّة النَّسيبة الغنيَّة (١)، إذا كان عفيفًا مسلمًا، وجوَّز لغير القرشيِّين نكاح القرشيَّات، ولغير الهاشميِّين نكاح الهاشميَّات، وللفقراء نكاح الموسرات.

وقد تنازع الفقهاء في أوصاف الكفاءة، فقال مالك في ظاهر مذهبه: إنِّها الدِّين، وفي روايةٍ عنه: إنِّها ثلاثةٌ: الدِّين والحرِّيَّة والسَّلامة من العيوب (٢).

وقال أبو حنيفة: هي النَّسب والدِّين (٣).

وقال أحمد في روايةٍ عنه: هي الدِّين والنَّسب خاصَّةً. وفي أخرى: هي خمسةٌ: الدِّين والنَّسب والحرِّيَّة والصِّناعة والمال (٤). وإذا اعتبر فيها النَّسب فعنه فيه روايتان: إحداهما: أنَّ العرب بعضهم لبعضٍ أَكْفاءٌ. والثَّانية: أنَّ قريشًا لا يكافئهم إلا قرشيٌّ، وبنو هاشمٍ لا يكافئهم إلا هاشميٌّ (٥).

وقال أصحاب الشَّافعيِّ: يعتبر فيها الدِّين والنَّسب والحرِّيَّة والصِّناعة


(١) ليست في د، ب.
(٢) ينظر «عقد الجواهر»: (٢/ ٩٠ - ٩١)، و «الذخيرة»: (٤/ ٢١٢ - ٢١٣).
(٣) ينظر «بدائع الصنائع»: (٢/ ٣١٧ - ٣١٩)، و «الهداية»: (١/ ١٩٥ - ١٩٧).
(٤) ينظر «المغني»: (٩/ ٣٩١)، و «شرح الزركشي»: (٥/ ٦٨ - ٦٩)، و «الإنصاف»: (٨/ ١٠٧ - ١٠٨).
(٥) ينظر «المغني»: (٩/ ٣٩٢).