للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا قلنا: العلَّة ملكها نفسها فلا أثر لذلك، فإن طلَّقها طلاقًا رجعيًّا فعتَقَت في عدَّتها، فاختارت الفسخَ بطلت الرَّجعة، وإن اختارت المقام معه صحَّ وسقط اختيارُها للفسخ؛ لأنَّ الرَّجعيَّة كالزَّوجة.

وقال الشَّافعيُّ وبعض أصحاب أحمد (١): لا يسقطُ خيارُها إذا رضيت بالمقام دون الرَّجعة، ولها أن تختار نفسها بعد الارتجاع، ولا يصحُّ اختيارها في زمن الطَّلاق، فإنَّ الاختيارَ في زمنٍ هي فيه صائرةٌ إلى بينونةٍ ممتنعٌ.

فإذا راجعها صحَّ حينئذٍ أن تختاره وتقيم معه؛ لأنَّها صارت زوجةً، وعَمِل الاختيارُ عمَلَه، وترتَّب أثرُه عليه.

ونظير هذا إذا ارتدَّ زوجُ الأَمَة بعد الدُّخول، ثمَّ عَتَقَت في زمن الرِّدَّة، فعلى القول الأوَّل لها الخيار قبل إسلامه، فإن اختارَتْه ثمَّ أسلم سقط مُلكها للفسخ، وعلى قول الشَّافعيِّ (٢): لا يصحُّ لها خيارٌ قبل إسلامه؛ لأنَّ العقد صائرٌ إلى البطلان. فإذا أسلم صحَّ خيارها.

فإن قيل: فما تقولون إذا طلَّقها قبل أن تفسخ هل يقع الطَّلاق أم لا؟

قيل: نعم يقع، لأنَّها زوجةٌ، وقال بعض أصحاب أحمد وغيرهم: يوقف الطَّلاق، فإن فسخت تبيَّنَّا (٣) أنَّه لم يقع، وإن اختارت زوجها تبيَّنَّا وقوعه (٤).


(١) ينظر «المغني»: (١٠/ ٧٧ - ٧٨)، و «المهذب»: (٢/ ٤٥٤ - ٤٥٥).
(٢) ينظر «الأم»: (٦/ ١٣٧)، و «نهاية المطلب»: (١٢/ ٣٢٧ - ٣٢٨).
(٣) ح: «بنينا» في الموضعين.
(٤) ينظر «نهاية المطلب»: (١٢/ ٤٧٧)، وهو نصّ الشافعي في «الأم»: (٦/ ٦٣٨): «أن الطلاق موقوف، فإن ثبتت عنده وقع، وإن فسخت النكاح سقط».