للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسُّكوت عنه من أقبح التَّدليس والغشِّ، وهو منافٍ للدِّين، والإطلاق إنَّما ينصرف إلى السَّلامة، فهو كالمشروط عُرفًا، وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب لمن تزوَّج امرأةً وهو لا يولد له: «أَخبِرها أنَّك عقيمٌ وخيرها» (١)، فماذا يقول - رضي الله عنه - في العيوب التي هذا عندها كمالٌ لا نقصٌ؟!

والقياس أنَّ كلَّ عيبٍ ينفِّرُ الزَّوجَ الآخر منه ولا يحصل به مقصودُ النِّكاح من المودَّة والرَّحمة يوجِبُ الخيار، وهو أولى من البيع، كما أنَّ الشُّروط المشتَرَطة في النِّكاح أولى بالوفاء من شروط البيع، وما ألزم الله ورسولُه مغرورًا (٢) قطُّ ولا مغبونًا بما غُرَّ به وغُبِن به، ومن تدبَّر مقاصد الشَّرع في مصادره وموارده وعدله وحكمته وما اشتمل عليه من المصالح، لم يخْفَ عليه رُجحان هذا القول وقُربه من قواعد الشَّريعة (٣).

وقد روى يحيى بن سعيدٍ الأنصاريُّ عن ابن المسيَّب قال: قال عمر: أيُّما امرأةٍ زُوِّجت وبها جنونٌ أو جُذامٌ أو بَرَصٌ فدخل بها، ثمَّ اطَّلع على ذلك، فلها مهرُها بمسيسه إيَّاها، وعلى الوليِّ الصَّداق بما دلَّس كما غرَّه (٤).

ورَدُّ هذا بأنَّ ابنَ المسيَّب لم يسمع من عمر مِن باب الهذيان البارد المخالف لإجماع أهل الحديث قاطبةً، قال الإمام أحمد: إذا لم يُقبل (٥)


(١) سبق تخريجه.
(٢) ح: «معذورًا».
(٣) العبارة في ب فيها سقط وزيادة وهي: «ومما اشتمل عليه من قواعد الشريعة ومحاسن الحكم جزم بذلك»!
(٤) سبق تخريجه.
(٥) ز، ن: «نقبل».