للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكيف يمكَّن أحد الزَّوجين من الفسخ بقَدْر العدسة من البَرَص، ولا يمكَّن منه بالجرب المستحكم المستمكن (١)، وهو أشدُّ إعداءً من ذلك البرص اليسير، وكذلك غيره من أنواع الدَّاء العضال؟!

وإذا كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حرَّم على البائع كتمانَ عيبِ سلعته، وحرَّم على من علمه أن يكتمه من المشتري، فكيف بالعيوب في النِّكاح، وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت قيس حين استشارته في نكاح معاوية أو أبي الجهم: «أمَّا معاوية فصعلوكٌ لا مال له، وأمَّا أبو جهم (٢) فلا يضع عصاه عن عاتقه» (٣).

فعُلِم أنَّ بيان العيب في النِّكاح أولى وأوجب، فكيف يكون كتمانُه وتدليسُه والغشُّ الحرام به سببًا للزومه وجَعْل ذي العيب غلًّا لازمًا في عنق صاحبه مع شدَّة نُفرته عنه، ولا سيَّما مع شَرْط السَّلامة منه، وشَرْط خلافه؟! هذا ممَّا يُعْلَم يقينًا أنَّ تصرُّفات الشَّريعة وقواعدها وحِكَمها (٤) تأباه. والله أعلم.

وقد ذهب أبو محمد ابن حزم (٥) إلى أنَّ الزَّوج إذا اشترط السَّلامةَ من العيوب فوجد أيَّ عيبٍ كان، فالنِّكاح باطلٌ من أصله غير منعقدٍ، ولا خيار فيه ولا إجازة ولا نفقة ولا ميراث. قال: لأنَّ (٦) التي أُدْخِلت عليه غير التي


(١) ح، م، ط الهندية: «المتمكن».
(٢) ز، ح: «أبو الجهم».
(٣) أخرجه مسلم (١٤٨٠) من حديث فاطمة بنت قيس - رضي الله عنه - .
(٤) المطبوع: «وأحكامها»، د، ب: «حكمها» بدون الواو!
(٥) في «المحلى»: (١٠/ ١١٥).
(٦) ح، ز، ن، م، ط الهندية: «إن»، والمثبت من باقي النسخ ومن هامش م و «المحلى».