للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو محمد: بل نحن أسعد بدعوى الإجماع هاهنا لو استجزنا ما يستجيزون، ونعوذ بالله من ذلك، وذلك أنَّه لا خلاف بين أحدٍ من أهل العلم قاطبةً، ومِن جُملتهم جميع المخالفين لنا في ذلك في أنَّ الطَّلاقَ في الحيض أو في طُهرٍ جامعها فيه بدعةٌ، فإذْ لا شكَّ (١) في هذا عندهم، فكيف يستجيزون الحكمَ بتجويز البدعة التي يقرُّون أنَّها بدعةٌ وضلالةٌ، أليس بحكم المشاهدة مُجيز البدعة مخالفًا لإجماع القائلين بأنَّها بدعةٌ؟

قال أبو محمد: وحتَّى لو لم يبلغنا الخلافُ، لكان القاطعُ على جميع أهل الإسلام بما لا يقين عنده، ولا بلَغَه عن جميعهم كاذبًا على جميعهم.

قال المانعون من وقوع الطَّلاق المحرَّم: لا يُزال النِّكاح المتيقَّن إلا بيقينٍ مثله من كتابٍ أو سنَّةٍ أو إجماعٍ متيقَّنٍ. فإذا أوْجَدْتمونا واحدًا من هذه الثَّلاثة، رفعنا حكمَ النِّكاح به، ولا سبيلَ إلى رفعه بغير ذلك.

قالوا: فكيف والأدلَّة المتكاثرة تدلُّ على عدم وقوعه، فإنَّ هذا الطَّلاق لم يشرعه الله البتَّة، ولا أذِنَ فيه، فليس من شرعه، فكيف يُقال بنفوذه وصحَّته؟

قالوا: وإنَّما يقع من الطَّلاق (٢) ما ملَّكه الله للمطلِّق، ولهذا لا يقع به الرَّابعة؛ لأنَّه لم يملِّكها (٣) إيَّاه، ومن المعلوم أنَّه لم يملِّكه الطَّلاق المحرَّم،


(١) في ط الفقي والرسالة زيادة: «فيه بدعة [نهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخالفة لأمره. فإذا كان] لا شك ... » وهي زيادة مقحمة من «المحلى» لا وجود لها في النسخ ولا في ط الهندية.
(٢) ط الفقي والرسالة: «الطلاق المحرم» ولا وجود لها في النسخ ولا ط الهندية.
(٣) بعده في ب زيادة: «ولم يملكه».