للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعض أهل الحديث: لم يرو أبو الزبير حديثًا أنكر من هذا (١).

فهذا جملة ما رُدَّ به خبرُ أبي الزبير، وهو عند التَّأمَّل لا يوجب رَدَّه ولا بطلانَه.

أمَّا قول أبي داود: «الأحاديث كلُّها على خلافه»، فليس بأيديكم سوى تقليد أبي داود، وأنتم لا ترضون ذلك، وتزعمون أنَّ الحجَّة من جانبكم، فدعوا التَّقليدَ وأخبرونا أين في الأحاديث الصَّحيحة ما يخالف حديثَ أبي الزبير؟ فهل فيها حديثٌ واحدٌ فيه (٢) أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَسَب عليه تلك الطَّلقة، وأمره أن يعتدَّ بها؟ فإن كان ذلك، فنعم والله هذا خلافٌ صريحٌ لحديث أبي الزبير، ولا تجدون إلى ذلك سبيلًا.

وغاية ما بأيديكم: «مُرْه فليراجعها» والرَّجعة تستلزم وقوعَ الطَّلاق، وقول ابن عمر وقد سُئل: أتعتدُّ بتلك التَّطليقة؟ فقال: «أرأيتَ إن عَجَز واستحمق»، وقول نافع أو من دونه: «فحُسِبَت من طلاقها». وليس وراء ذلك حرفٌ واحدٌ يدلُّ على وقوعها والاعتداد بها، ولا ريب في صحَّة هذه الألفاظ، ولا مطعن فيها، وإنَّما الشَّأن كلُّ الشَّأن في معارضتها لقوله: «فردَّها عليَّ ولم يرها شيئًا» وتقديمها عليه، ومعارضتها لتلك الأدلَّة المتقدِّمة التي سقناها، وعند الموازنة يظهر التَّفاوت، وعدم المقاومة، ونحن نذكر ما في كلمةٍ كلمةٍ (٣) منها:


(١) نقله الخطابي في «المعالم» تنظر الإحالة السابقة.
(٢) من ح، ز، م، ن.
(٣) م، ب: «ما في كل كلمة»، ن: «ما في ذلك كلمة كلمة».