للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقع طلاق الهازل مع تحريمه، فطلاق الجادِّ أولى أن يقع مع تحريمه.

قالوا: وفرقٌ آخر بين النِّكاح المحرَّم والطَّلاق المحرَّم: أنَّ النِّكاح نعمةٌ فلا يستباح بالمحرَّمات، وإزالته وخروج البُضع عن ملكه نقمةٌ، فيجوز (١) أن يكون سببها محرَّمًا.

قالوا: وأيضًا فإنَّ الفروج يُحتاط لها، والاحتياط يقتضي وقوعَ الطَّلاق، وتجديد الرَّجعة أو العقد.

قالوا: وقد عهدنا النِّكاح لا يدخل فيه إلا بالتَّشديد والتَّأكيد؛ من الإيجاب والقبول، والوليِّ والشَّاهدين، ورضى الزَّوجة المعتبر رضاها، ويخرج منه بأيسر شيءٍ، فلا يحتاج الخروج منه إلى شيءٍ من ذلك، بل يدخل فيه بالعزيمة، ويخرج منه بالشُّبهة، فأين أحدهما من الآخر حتَّى يُقاس عليه؟!

قالوا: ولو لم يكن بأيدينا إلا قول حملة الشَّرع كلِّهم قديمًا وحديثًا: «طلَّق امرأته وهي حائضٌ»، و «الطَّلاق نوعان: طلاق سنَّةٍ، وطلاق بدعةٍ»، وقول ابن عبَّاسٍ: «الطَّلاقُ على أربعة أوجهٍ: وجهان حلالٌ، ووجهان حرامٌ» (٢). فهذا الإطلاق والتَّقسيم دليلٌ على أنَّه عندهم طلاقٌ حقيقةً،


(١) ز: «فلا يجوز»، خطأ.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٠٩٥٠)، ومن طريقه الدارقطني في «السنن» (٣٨٩٠، ٣٩٩٠)، والبيهقي في «الكبرى»: (٧/ ٣٢٥) من طريق وهب بن نافع عن عكرمة عنه، ورجاله ثقات غير وهب فقد ذكره ابن حبان في «الثقات».