للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإجماع (١) الذي تقوم به الحجَّة، وتنقطع معه المعذرة، وتَحْرُم معه المخالفة، فإنَّ الإجماعَ الذي يوجب ذلك هو الإجماعُ القطعيُّ المعلوم.

وأمَّا المقام الثَّاني: وهو أنَّ الجمهور على هذا القول، فأوْجِدُونا في الأدلَّة الشَّرعيَّة أنَّ قول الجمهور حجَّةٌ مضافةٌ إلى كتاب الله، وسنَّة رسوله، وإجماع أمَّته.

ومَن تأمَّل مذاهبَ العلماء قديمًا وحديثًا من عهد الصَّحابة وإلى الآن، واسْتَقرى أقوالَهم (٢) وجدهم مجمعين على تسويغ خلاف الجمهور، ووجد لكلٍّ منهم أقوالًا عديدةً انفرد بها عن الجمهور، ولا يُستثنى من ذلك أحدٌ قطُّ، ولكن مستقلٌّ ومستكثرٌ، فمَن شئتم سمّوه (٣) من الأئمَّة ثم (٤) تتبَّعوا ما له مِن الأقوال التي خالف فيها الجمهور، ولو تتبَّعنا ذلك وعددناه، لطال الكتاب به جدًّا، ونحن نحيلكم على الكتب المتضمِّنة لمذاهب العلماء واختلافهم، ومن له معرفةٌ بمذاهبهم وطرائقهم يأخذ إجماعهم على ذلك من اختلافهم.

ولكن هذا في المسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد، ولا تدفعها السُّنَّة الصَّحيحة الصَّريحة، وأمَّا ما كان هذا سبيله، فإنَّهم كالمتَّفقين على إنكاره وردِّه، هذا هو المعلوم من مذاهبهم في الموضعين.


(١) «كيف، ولو ... الإجماع» كتب عليها في ص (لا إلى) يعني يضرب عليها ليكون السياق: «دعوى الإجماع الذي تقوم به ... ».
(٢) ط الفقي والرسالة: «أحوالهم» خلاف النسخ وط الهندية.
(٣) المطبوع: «سميتموه».
(٤) سقطت من ط الفقي والرسالة.