للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودفع الصِّدِّيق كتابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١) إلى أنس بن مالكٍ، فحملَه وعملت به الأمَّة، وكذلك كتابه إلى عمرو بن حزم وكتابه (٢) في الصَّدقات الذي كان عند آل عمرٍو، ولم يزل السَّلف والخلف يحتجُّون بكتاب بعضهم إلى بعضٍ، ويقول المكتوب إليه: كتب إليَّ فلانٌ أنَّ فلانًا أخبره، ولو بطل الاحتجاجُ بالكتب لم يبق بأيدي الأمَّة إلا أيسر اليسير، فإنَّ الاعتماد إنَّما هو على النُّسَخ لا على الحفظ، والحفظ خوَّانٌ، والنُّسخةُ لا تخون. ولا يُحفَظ في زمنٍ من الأزمان المتقدِّمة أنَّ أحدًا من أهل العلم ردَّ الاحتجاجَ بالكتاب، وقال: لم يشافهني به الكاتب، فلا أقبله، بل كلُّهم مجمعون على قبول الكتاب والعمل به إذا صحَّ عنده أنَّه كتابه.

الجواب الثَّاني: أنَّ قول من قال: «لم يسمع من أبيه» معارَضٌ بقول من قال: سمع منه، ومعه زيادةُ علمٍ وإثباتٌ، قال عبد الرَّحمن بن أبي حاتمٍ (٣): سُئل أبي عن مَخْرمة بن بُكير؟ فقال: صالح الحديث. قال: وقال ابن أبي أويسٍ: وجدت في ظهر كتاب مالك: سألتُ مَخْرمة عمَّا يحدِّث به عن أبيه، سَمِعها من أبيه؟ فحلف لي: وربِّ هذه (٤) البنيَّة ــ يعني المسجد ــ سمعتُ مِن أبي.

وقال عليُّ بن المدينيِّ: سمعتُ مَعْن بن عيسى يقول: مَخْرمة سمع من أبيه، وعرضَ عليه ربيعةُ أشياءَ مِن رَأْي سليمانَ بنِ يسارٍ، قال علي: ولا أظنُّ


(١) زاد بعدها في ط الفقي والرسالة: «في الزكاة» ولا وجود لها في النسخ.
(٢) سقطت من طبعتي الفقي والرسالة.
(٣) «الجرح والتعديل»: (٨/ ٣٦٤).
(٤) من ح، ز، و «الجرح والتعديل».