للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد زالت علَّة تدليس محمد بن إسحاق بقوله: «حدَّثني داود بن الحصين»، ولكن رواه أبو عبد الله الحاكم في «مستدركه» (١) وقال: إسناده صحيح، فوجدنا الحديث لا علة له (٢). وقد احتجَّ أحمد بإسناده في مواضع (٣)، وقد صحَّح هو وغيره بهذا الإسناد بعينه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ردَّ زينب على زوجها أبي العاص بن الرَّبيع بالنِّكاح الأوَّل، ولم يُحدِث شيئًا (٤).

وأمَّا داود بن الحصين عن عكرمة، فلم تزل الأئمَّة تحتجُّ به (٥)، وقد احتجُّوا به في حديث العرايا (٦) فيما شُكَّ فيه ولم يُجزَم به من تقديرها بخمسة أوسُقٍ أو دونها، مع كونها على خلاف الأحاديث التي نُهِي فيها عن بيع الرُّطب بالتَّمر (٧)، فما ذنبه في هذا الحديث سوى روايته ما لا يقولون به. وإن قَدَحْتم في عكرمة ــ ولعلَّكم فاعلون ــ جاءكم ما لا قِبَلَ لكم به


(١) لم أجده في «المستدرك» بهذا الإسناد، وقد عزاه المؤلف في «إغاثة اللهفان» (١/ ٥٠٧) إلى الضياء المقدسي في «المختارة»، وهو فيه: (١١/ ٣٦٢، ٣٦٣)، وقال: إنها أصح من «صحيح الحاكم».
(٢) «ولكن رواه ... لا علة له» ساقطة من المطبوع.
(٣) من «مسنده» (٢٣٦٦، ٢٣٨٢، ٢٣٨٧، ١٤٨٦٩).
(٤) «المسند» رقم (١٨٧٦، ٢٣٦٦). وقد سبق تخريجه.
(٥) وقد ضعَّف حديثه عن عكرمة جماعة؛ كابن المديني، وأبي داود، وابن حجر. انظر ترجمته في: «تهذيب الكمال» (٨/ ٣٧٩)، و «تاريخ الإسلام» (٣/ ٦٤٠)، و «تهذيب التهذيب» (٣/ ١٨١).
(٦) أخرجه البخاري (٢١٩٠) ومسلم (١٥٤١) من طريق داود بن الحصين عن أبي سفيان عن أبي هريرة، وهو غير الإسناد المذكور.
(٧) منها حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري (٢١٧١، ٢٢٠٥) ومسلم (١٥٤٢).